مدينة النواب تحت الأرض: رفاهية دائمة… بعيدًا عن شكاوى الشعب الممل!

مدينة النواب الجديدة

في خطوة جريئة وغير مسبوقة في عالم الابتكار السياسي، تم الإعلان عن إطلاق “مدينة النواب تحت الأرض”، وهو المشروع الأضخم والأكثر “حكمة” في .التاريخ المعاصر والجمهورية الجديدة
الفكرة البارعة هنا ليست فقط في توفير مسكن فاخر للسادة السياسيين، بل في حمايتهم من “الإزعاجات” التي تأتيهم من فوق الأرض؛ حيث يسكن عامة الشعب، هؤلاء الذين لا يتوقفون عن الشكوى والمطالب المستمرة.

مرحبًا بكم في جنة الساسة والنواب.. مدينة النواب

في أعماق الأرض، بعيدًا عن ضوضاء الحياة اليومية المزعجة والمطالب الشعبية المتكررة، تتمتع المدينة المصممة بعناية بكل وسائل الراحة والرفاهية الممكنة. فهناك مقرات اجتماعات فاخرة مزودة بكراسي جلدية فخمة من طراز “الاسترخاء التام”، وأجهزة تدليك متطورة تُشغل تلقائيًا بمجرد شعور النائب بأي نوع من الضغط – سواء كان هذا الضغط من الشعب، أو الضمير (إن وجد).

المدينة تحت الأرض ليست مجرد مكان للعيش، بل واحة من العزلة المريحة. هنا، لن يُسمع صوت مواطن غاضب أو مظاهرة شعبية. لا إزعاج، لا أزمات اقتصادية، ولا حاجة لمناقشة مشاكل الصحة أو التعليم. بل يمكن للنائب قضاء وقته في “إدارة الرفاهية”، بعيدًا عن الواقع الذي بات أمرًا مزعجًا وغير مرغوب فيه.

خدمات من مستوى آخر: لأن النواب يستحقون الأفضل

من اللحظة الأولى لدخول المدينة، يختبر النائب مستوى من الرفاهية لم يشهده من قبل. فكل شيء مُهيًا لجعل تجربته تحت الأرض مثالية. سيارات كهربائية صامتة تتنقل بين المباني الفاخرة، ومساحات خضراء مزيفة صممت بتقنيات ثلاثية الأبعاد تعطي الشعور بأن النواب يعيشون في جنة أرضية رغم أنهم تحت الأرض. نعم، الطبيعة “الافتراضية” جزء لا يتجزأ من التصميم، فحتى الشمس هنا هي مجرد إضاءة “LED” دافئة، لا تحتاج إلى الواقع المعقد والطقس المتغير.

أما الطعام؟ فمن أفضل الطهاة العالميين، تم استقدامهم لتقديم أشهى المأكولات في مطاعم المدينة. بالطبع، ليس هناك شيء يسمى “تقشف” هنا، فالسياسيون يحتاجون الطاقة ليستمروا في “عملهم الجاد” – مناقشة مستقبل الشعب الذي أصبح هو نفسه ماضٍ في هذه المدينة العجيبة.

السيطرة على الواقع.. وتصفيته

المدينة الجديدة ليست مجرد مكان للراحة، بل هي عالم موازي مصمم بعناية ليضمن عدم وصول أي معلومة مزعجة من الخارج. “جهاز تصفية الواقع”، ابتكار هندسي حديث، يعمل على تعديل الأخبار التي تصل إلى النواب بحيث تبدو أكثر ملائمة لرؤيتهم المتفائلة للعالم. لا مظاهرات، لا أزمات اقتصادية، ولا تسريبات عن الرواتب أو الامتيازات. كل شيء يسير على أفضل ما يرام.

التقارير التي يتلقاها النواب يوميًا تشيد بإنجازاتهم العظيمة التي لا يشعر بها أحد، وتؤكد أن كل مواطن على السطح يعيش في سعادة غامرة. أما الأزمات الحقيقية، فهي محجوبة تمامًا، لتظل الصورة الوردية هي السائدة، دون أن يزعجهم ذلك الكوكب البعيد الذي يسمونه “الحياة العامة”.

ردود أفعال الشعب: بين الصدمة والتهكم

الشعب الكادح، الذي لم يُدعَ إلى هذه “الجنة”، فله ردود أفعال متباينة. على السطح، يتجمع المواطنون في المقاهي الشعبية وهم يتحدثون عن هذا المشروع الجديد.
أبو سعيد، أحد المواطنين الغاضبين، يقول: “كنت دائمًا أقول إنهم في عالم آخر، ولكن لم أتوقع أن ينفذوا الفكرة حرفيًا!”، بينما تضيف أم فاطمة بحسرة: “طالما كانوا تحت الأرض فعلًا، لمَ لا نُغلق عليهم الباب ونتركهم هناك؟”.

“كنت دائمًا أقول إنهم في عالم آخر، ولكن لم أتوقع أن ينفذوا الفكرة حرفيًا!

يبدو أن الشارع لم يعد يستغرب مثل هذه الأفكار، فقد تعود المواطن البسيط على غرابة القرارات. “ها هم يعيشون في عزلة تامة”، يقول أحد الشبان بضحكة ساخرة، “على الأقل، لن نضطر بعد الآن إلى رؤية وجوههم على شاشات الأخبار وهم يعدوننا بحلول لمشاكل لم يفهموها أصلًا.”

أما عن الشباب الذين يعانون من البطالة، فقد قرروا الاستفادة من المشروع بشكل عملي. “لمَ لا نصنع لهم تطبيقًا جديدًا يذكّرهم بوجودنا كلما نسونا؟ أو ربما لا… الأفضل أن يظلوا نائمين هناك!” يقول أحدهم مازحًا، في إشارة واضحة إلى الفجوة الكبيرة بين العالمين.

خاتمة: الجنة… لمن؟

يبقى السؤال الكبير: هل أصبح نوابنا في أمان الآن من “ضجيج الشعب” الذي يتطلب العيش في عالم أفضل؟ أم أن هذه المدينة ستصبح مجرد ملجأ لهم، بعيدًا عن كل شيء – بما في ذلك الواقع؟

الأمر المؤكد هو أن الحياة ستستمر على السطح كما كانت دائمًا، حيث الناس يكافحون، والنواب يختبئون. وربما يومًا ما، نكتشف أن هذه المدينة كانت موجودة منذ زمن طويل، لكن لم ندرك أنها تحت الأرض فقط، بل ربما في عالم آخر بالكامل.”مدينة النواب تحت الأرض: رفاهية دائمة… بعيدًا عن شكاوى الشعب الممل!”