الدرع الوطني لحماية القيم الاجتماعية.. مشروع جديد في الجمهورية الجديدة!
في إطار حرص سيادته الشديد على سلامة المجتمع وصحة أفكار المواطنين، أطلق الرئيس مشروعًا عملاقًا أسماه “الدرع الوطني لحماية القيم الاجتماعية”، والذي يُروج له باعتباره حصنًا منيعًا، يهدف إلى حماية المجتمع من “أي تهديد ثقافي أو فكري” مزعوم. المشروع يَعِد بحماية النشء من الانحراف الفكري وضمان أن تبقى القيم الاجتماعية تحت مراقبة مشددة، حتى نصل إلى مجتمع موحد الفكر والرؤية، تمامًا كما يرى الزعيم.
تفاصيل مشروع الدرع الوطني:
يهدف الدرع الوطني إلى حماية المواطنين من تلك الأفكار التي تهدد الانسجام الاجتماعي. ومن خلال هذا الدرع، ستقوم الحكومة بمراقبة المحتوى المقدم في وسائل الإعلام والكتب وأي منشورات أو إنتاجات ثقافية وفكرية. وكل ما قد يشكّل خروجًا عن الخط العام الذي حدده السيد رئيس الجمهورية وسيتم تصفية كل ما يخرج عن هذا الخط العام ليس لشيء سوى للحفاظ على أولاد الجمهورية الجديدة، بحيث يتم القضاء على “التطرف الفكري” وتضمن الدولة أن أي محتوى يتاح للمواطنين لن يعكر صفو المجتمع المثالي المأمول.
الخطوات التنفيذية لمشروع الدرع الوطني:
مشروع “الدرع الوطني” ينطوي على خطط عديدة تشمل:
1-رقابة إعلامية مشددة: سيتم تنظيم بث المحتوى الإعلامي على نطاق واسع، بحيث يُسمح فقط للبرامج والأفلام والمسلسلات التي تعزز الانسجام الاجتماعي والقيم المحددة مسبقًا. كل عبارة أو فكرة تمر أمام المشاهدين ستكون مدروسة بعناية من قِبَل “اللجنة العليا للحماية الفكرية”.
2-قائمة ممنوعات ثقافية: سيضع “الدرع الوطني” قائمة ممنوعات محدثة بشكل دوري، تتضمن الكتب والمقالات ووسائل الإعلام التي يُعتقد أنها قد تشوش على المواطنين. وسيُطرح بديل من الكتب والمقالات التي تمت الموافقة عليها رسميًا ليضمن الحاكم أن المواطنين يقرأون كل ما هو “قويم”.
3- إشراف على الأنشطة الثقافية: كل حدث ثقافي أو أدبي سيتم فحصه مسبقًا للتأكد من توافقه مع المعايير الوطنية، التي وضعها الزعيم
قد تُلغى أو تُحظر بعض الأنشطة الثقافية، بحجة أنها تحمل “أفكارًا ضارة”، بينما ستُمنح الأنشطة الأخرى التي تدعم القيم الصحيحة دعمًا خاصًا من الدولة.
تبريرات مشروع الدرع الوطني:
وفقًا للمتحدث الرسمي باسم الدولة، فإن هذا المشروع ليس إلا وسيلة لضمان أن يعيش المواطنون في مجتمع منسجم لا يعرف الانقسام، وكي لا تتسلل إلينا أفكار لا تتماشى مع بيئتنا الثقافية.
ويضيف: الدرع الوطني هو صمام الأمان الذي يقي بلادنا من الأفكار المستوردة.
وبهذا، نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا و نحمي شبابنا من الانحراف الفكري.
كيف يبدو مشروع الدرع الوطني في الواقع؟
بعيدًا عن التصريحات الرسمية الوردية، يعتقد المراقبون أن “الدرع الوطني” ليس سوى وسيلة جديدة للسيطرة على المجتمع وفرض السيطرة على المجال الثقافي، وتكميم الأفواه النقدية بحجة الحفاظ على “القيم الوطنية”. إذ يرون أن هذا المشروع أشبه بباب خلفي يعزز الرقابة ويحد من حرية التعبير، لا سيما حين يصبح لكل كلمة أو فكرة مراقب خاص.
هناك توقعات بأن الكتاب والصحفيين سيشعرون بأنهم ملزمون بالالتزام بالخطوط الحمراء التي تتزايد يومًا بعد يوم، خوفًا من التعرض لعقوبات أو الحظر، ما يجعل المشهد الثقافي في الجمهورية الجديدة أشبه بمنطقة معقمة تمامًا، لا مكان فيها لرأي مخالف أو لنقد بناء.
خطوة نحو مجتمع “نقي من الفكر الآخر”
يحاول مشروع “الدرع الوطني” أن يخلق مجتمعًا متجانسًا، حيث لا مكان لرأي مختلف، ويصبح المواطن العادي مستهلكًا للأفكار التي تأتيه جاهزة.
وبدلاً من توجيه الجهود نحو احتواء التنوع الفكري وإثراء الثقافة، تتوجه الجهود نحو إنشاء منظومة مراقبة صارمة، تشجع على التزام “التفكير القويم” الذي تحدده الحكومة.
خاتمة
في النهاية، بينما ينتظر المواطنون مشاهدة تطبيق “الدرع الوطني”، لا يسع الكثيرون إلا أن يتساءلوا: هل سيأتي يوم يعيشون فيه في مجتمع “آمن من الأفكار الخطرة” كما يعدهم الحاكم، أم أن هذا المشروع سيكون مجرد خطوة جديدة نحو تحويل الوطن إلى “دولة الفكرة الواحدة”؟