5 أسباب تجعل حكومة مصطفى مدبولي عنوانًا للفشل الصامت

إذا أردت أن تفهم معنى الحضور الغائب، فلا حاجة بك إلى الغوص في كتب الفلسفة، يكفي أن تتابع نشاطات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة المصرية. الرجل يتقن فن الظهور بلا أثر، والحديث بلا نتيجة، واتخاذ القرارات كما تُلتقط الصور الجماعية في المؤتمرات: الجميع يبتسم، ولا أحد يعرف لماذا.
مصطفى مدبولي، المهندس الذي صعد إلى رئاسة الوزراء كما تنقطع الكهرباء فجأة: لا أحد كان يتوقعه، ولا أحد يتذكر كيف ظهر، لكنه وجد نفسه هناك، على رأس حكومة تدير البلاد بتكنوقراطية الشرائح العرضية، وتحل الأزمات بجملة محفوظة تبدأ دائمًا بـ”توجيهات القيادة السياسية”.
الأداء الحكومي بين الاستعراض والتخدير
الحكومة تحت قيادة مصطفى مدبولي تبدو كمن قرأ وصفة طبية لشخص آخر، وقرر تطبيقها بحماس على جسد الدولة. الأسعار تقفز؟ “سنعمل على توفير السلع”. الجنيه يسقط؟ “هناك خطة شاملة”. المواطن يئن؟ “نرصد ردود الأفعال”. والنتيجة واحدة لا تتغير: الحياة تضيق… والحكومة تزداد ثقة بالنفس.
المفارقة أن الحكومة لا تُحاسب على ما تفعل، بل تُكافأ على ما تنوي. يكفي أن يخرج مصطفى مدبولي ليقول: “نحن نتابع لحظة بلحظة”، لتُنشر صورته في وسائل الإعلام وهو يبتسم كمن أنهى حصارًا، لا أزمة أرز.
وزير بدرجة خلفية رسمية
في عهد هذا الرجل مصطفى مدبولي، تحوّلت الحكومة إلى كيان متخصص في تسويق الأزمات. كل كارثة تُعرض باعتبارها فرصة، وكل فشل يُعاد تدويره تحت عنوان “الإدارة الذكية للمرحلة”.
لا أحد يعرف من يُقرر، ومن يُنفذ، ومن يتحمل المسؤولية. لكن المؤكد أن هناك من يلتقط الصور، من يوقع، من يهز رأسه تأييدًا في كل اجتماع، ثم يختفي. ليس المطلوب أن يُفكر أو يُحاسب، بل أن يكون “خلفية” تليق بالمشهد.

حكومة تسير في اتجاه واحد
قرارات حكومة مصطفى مدبولي لا تعرف التفرع. كلها تسير في طريق واحد: رفع الدعم، زيادة الأسعار، تحميل المواطن العبء. أما الحديث عن الإنجازات فهو مثل طلاء الجدران في بيت تغمره المياه… لا يحمي ولا يُجمل.
في ظل هذا الأداء الرمادي، أصبحت الحكومة أشبه بمن يضع سماعة طبية على حائط مائل، يتظاهر بالإنصات بينما الجدار يوشك أن ينهار. المواطن لا يبحث عن معجزات، بل عن مسؤول يملك شجاعة الاعتراف بالأزمة بدلًا من دفنها خلف عروض شرائح ورسوم بيانية.
مصطفى مدبولي يتفنن في صناعة الأعذار بدلًا من صناعة الحلول
حين تنظر إلى ملفات الصحة، التعليم، أو المواصلات، تكتشف أن الحكومة تُجيد شيئًا واحدًا فقط: صناعة الأعذار. وكل إخفاق يُلصق إما بالمواطن، أو بالأزمة العالمية، أو بـ”ظروف خارجة عن الإرادة”، وكأن مصر تُدار بجهاز تحكم عن بُعد ضاع الريموت الخاص به.
مع كل أزمة جديدة، تخرج الحكومة بخطة قديمة، بنفس الكلمات، وبنفس الوجوه. لا أحد يعترف بالتقصير، ولا أحد يغادر المشهد. وكأن الوظيفة الحقيقية لمجلس الوزراء هي مجرد تغليف الصدمات، لا امتصاصها. تلك ليست حكومة… بل صدى باهت لصوت لم يُسمع أصلًا.
طمأنينة بلا أساس
كل تصريح يصدر من الحكومة يُشعرك أن الأزمة مجرد وهم، وأن الجنيه بخير، والأسواق مستقرة، والمواطن سعيد جدًا فقط لأنه ما زال حيًا. هذه ليست إدارة أزمة، بل إدارة إنكار جماعي تُمارسها السلطة يوميًا بابتسامة مطمئنة وكأنها تقول: “مافيش حاجة حصلت”.
الحكومة التي ترى ولا تُرى
الغريب أن الحكومة، رغم حضورها في كل نشرات الأخبار، وافتتاح كل المؤتمرات، تظل غائبة عندما يتعلق الأمر بتفاصيل حياة الناس. الكهرباء تنقطع؟ “حدث طارئ”. أسعار الأدوية تقفز؟ “ظروف السوق”. المواصلات تنهار؟ “جارٍ تطوير المنظومة”. كل شيء “جارٍ”، عدا راحة المواطن، فهي متوقفة منذ أعوام.
اجتماع وراء اجتماع… ولا شيء يتغير
في كل أسبوع تقريبًا، يجتمع مجلس الوزراء برئاسة مصطفى مدبولي لبحث “التحديات”، ويصدر بيانًا رسميًا يؤكد “التوجيه بمعالجة الملف الفلاني”. لكن الواقع لا يتزحزح، والمعاناة تتكرر، وكأن الاجتماعات أصبحت مجرد طقس روتيني لإثبات أن أحدًا ما ما زال يمسك الدفّة… ولو ورقيًا.
ما بين “الرصد” و”المتابعة” تضيع الحقيقة
لا يخلو أي بيان حكومي من جملتين: “نرصد بدقة” و”نتابع لحظة بلحظة”. لكن الرصد بلا تحرك، والمتابعة بلا قرار، لا تغير شيئًا في معاناة الناس. والأسوأ أن هذا الخطاب يُستخدم كدرع واقٍ من المساءلة، وكأن الشعور بالأزمة بحد ذاته يُحسب إنجازًا.
خاتمة
مصطفى مدبولي لا يبدو كرئيس حكومة بقدر ما يشبه موظفًا مكلفًا بتنسيق الطاولة بعد العاصفة. صامت في لحظة تتطلب صخبًا، وهادئ في زمن يحتاج إلى من يصيح في وجه الأزمة.
إنه المسؤول الذي يرافق الأزمة في كل مراحلها… دون أن يتدخل، فقط يتابع، ويبتسم، ويقول: “نحن نتحرك في الاتجاه الصحيح”.