6 نصائح ذهبية لكل طلاب الثانوية العامة.. خليك لماح تعيش مرتاح!

بينما يجلس آلاف الطلاب في لجان امتحانات الثانوية العامة، محاطين بأوراق الإجابة وأقلام القلق، تتصاعد دعوات الأهالي في كل بيت مصري، من الأحياء الشعبية وحتى المجتمعات العمرانية الجديدة التي شيدها السيد الرئيس السيسي كتر خيره. تتزاحم الأمهات أمام الشاشات، يتابعن التصريحات اليومية لوزير التربية والتعليم، بينما الآباء يجلسون في الشرفات يتناقشون حول مستقبل الأبناء، وأي كلية ستضمن لهم وظيفة ولو بعد حين.
وفي الخلفية، لا ينسى الإعلام الوطني أن يربط هذه اللحظة المصيرية بجهود الدولة، ومبادرات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي لم يفوّت مناسبة إلا وأكد فيها أن التعليم هو قاطرة التنمية، وأن الجمهورية الجديدة تبني أجيالًا قادرة على التحدي والابتكار، وأن الوطن يحتاج إلى عقول مستنيرة قادرة على حمل الراية… حتى لو كانت الراية ثقيلة بعض الشيء بفعل الأوضاع الاقتصادية.
ولا يمكن في هذا السياق تجاهل واحدة من أشهر الجُمل التي قالها الرئيس في أحد خطاباته والتي لا تزال تتردد حتى اليوم في أذهان المصريين: “يعمل إيه التعليم في وطن ضايع؟”، تلك العبارة التي تحولت من مجرد تساؤل بلاغي إلى فلسفة حكم متكاملة، تضع الأمور في نصابها، وتُذَكِّر الجميع بأن الأزمات أكبر من مجرد نتيجة امتحان أو تنسيق كلية.
فبينما يسعى الطلاب إلى تحصيل الدرجات، تظل الدولة مشغولة بمشروعاتها الكبرى، من مدن جديدة إلى قصور رئاسية، ومن كباري إلى محاور مرورية، أما التعليم، فربنا معاكو لكن الأكيد أنه سيأتي يوما ما في أولويات السيد الرئيس.
وفي ظل هذه الأجواء الوطنية، قررت هيئة التحرير أن تقدم هذا العام نصائح عملية وصريحة للطلاب، نصائح خالية من الشعارات المعتادة، ومستندة إلى فهم واقعي لمتغيرات السوق المصري وتقلباته وظروفه، في ظل ما يُعرف اليوم باسم الجمهورية الجديدة (مش احنا) ورؤية السيد الرئيس للمستقبل القريب والبعيد إن وجد.
1- المجموع مش هيفرق كتير
على عكس ما يتخيله طلاب الثانوية العامة، لم يعد المجموع هو المعيار الحقيقي لأي شيء ذي قيمة في هذه الحياة. انتهت تلك الحقبة التي كان فيها التفوق الدراسي بوابة مضمونة لمستقبل مهني مشرق، وأصبحنا أمام واقع جديد، أكثر قسوة، وأقل عدلًا.

من يجتهد ويحصل على 100%، ويبذل لياليه في المذاكرة، وتنفق أسرته مدخراتها على الدروس الخصوصية، سينتهي به الأمر على الأرجح في طابور طويل من الباحثين عن وظيفة، جنبًا إلى جنب مع زملاء لم يتجاوزوا عتبة الـ50%. الفارق الوحيد أن صاحب المجموع الأعلى سيكون مثقلًا بالمزيد من خيبات الأمل النفسية، لأنه كان يتوقع نتيجة مختلفة، ويؤمن بأن جهوده ستترجم إلى فرصة حقيقية في سوق العمل قبل أن يصطدم بالحقيقة المرة.
سوق العمل في مصر اليوم لا يعترف بالشهادات ولا بالمؤهلات الأكاديمية، ولا يلقي بالًا للأرقام التي حققتها في الثانوية أو في الجامعة. المعادلة باتت واضحة وصريحة: الوظائف قليلة، الرواتب هزيلة، والفرص محدودة إلى حد مؤلم.
أما الحكومة، فقد حسمت موقفها منذ سنوات، ورفعت شعارها الرسمي الذي يتكرر في كل مناسبة: “الموظف عبء على الدولة”. ومن هنا، بدأت رحلة التقشف الوظيفي، وتجميد التعيينات، وتقليل فرص العمل في القطاع العام، مع دعوات متكررة للشباب بالاتجاه نحو ريادة الأعمال، والمشروعات الصغيرة، وأحيانًا نحو الهجرة غير النظامية بشرط ألا يُعلنوا ذلك صراحة في الإعلام.
2- خليك لماح وفكر في السفر
في ظل الأرقام المتزايدة للمصريين بالخارج، والتي تحتفي بها الحكومة في كل مؤتمر اقتصادي وكأنها بطولة قومية، أصبح من الحكمة لأي طالب متفوق، أو حتى متوسط المستوى، أن يبدأ مبكرًا في التفكير في الهجرة كخيار استراتيجي لمستقبله المهني والمعيشي.
الموضوع مش عيب، ولا صار يندرج تحت بند “هروب العقول”، بالعكس، هو مساهمة وطنية معتبرة في زيادة تحويلات المصريين بالخارج، التي باتت واحدة من أكبر مصادر الدخل القومي، ومتصدرة قوائم الإنجازات الاقتصادية الرسمية جنبًا إلى جنب مع قناة السويس ورسوم العبور.
اللي عنده لغة أجنبية كويسة، أو مهارة يدوية بسيطة زي السباكة أو الكهرباء أو حتى قيادة التاكسي، فرصته في الخارج بقت أفضل بكتير من أي فرصة محلية. واللي ما عندوش، نصيحتي له من دلوقتي: اشتغل على نفسك، خد كورسات، طوّر مهاراتك، اتعلم لغة، حتى لو من فيديوهات اليوتيوب المجانية.
الموضوع مش محتاج فلسفة، ولا وعود بفرص داخلية هتنزل من السماء. كل رحلة بتبدأ بخطوة، وخطوة المصري الأولى بقت، بكل صراحة، باتجاه المطار. شعار المرحلة: “خليك لماح وفكر في السفر!”
3- قالك تعليم وقالك مجاني
رغم أن الخطابات الرسمية ما زالت متمسكة بترديد عبارة “مجانية التعليم” وكأنها إنجاز وطني مستمر، إلا أن الحقيقة التي يعرفها الجميع، ويتهامسون بها في طوابير التنسيق ومكاتب شؤون الطلاب، هي أنه لا في تعليم… ولا في مجاني.
ما يحدث الآن هو مجرد محاكاة شكلية لفكرة التعليم. قاعات مزدحمة، مناهج متهالكة، أساتذة محبطون، معامل مغلقة، ومكتبات خاوية. الطالب يذهب إلى الجامعة وكله أمل أن يتعلم شيئًا جديدًا، فيعود وهو أكثر اقتناعًا بأن ما يحدث مجرد إضاعة وقت منظم.
أما عن كلمة “مجاني”، فحدث ولا حرج. المصروفات الرسمية في الجامعات الحكومية ارتفعت بشكل مستمر، والرسوم الإضافية أصبحت جزءًا ثابتًا من كل فصل دراسي. الكتب الخارجية والمذكرات الخاصة تباع بأسعار تتجاوز قدرة أي طالب عادي، حتى الامتحانات نفسها أصبحت تحمل رسومًا تحت مسميات مختلفة: رسوم دخول، رسوم إعادة، رسوم استخراج شهادة ورسوم الرسوم، وهكذا.
البرامج المتميزة داخل الجامعات الحكومية تحولت إلى سوق موازية، بأسعار تتنافس مع الجامعات الخاصة، بينما التعليم المفتوح والتعليم المدمج صار بوابة لمن يملك القدرة على الدفع فقط.
من يريد شهادة عليه أن يدفع، ومن يريد أن يتعلم عليه أن يبحث عن كورسات أونلاين أو دروس خصوصية خارج أسوار الجامعة، ومن لا يملك لا هذا ولا ذاك عليه أن يكتفي ببطاقة طالب لا تمنحه سوى حق الدخول والخروج من وإلى الجامعة مع التسكع المجاني المعتاد لطلاب الجامعات.
التعليم في مصر لم يعد خدمة ولا حتى حقًا مكتسبًا، بل تحول إلى سلعة تخضع لقوانين العرض والطلب، وكل ما تبقى من مفهوم المجانية هو مجرد جملة محفوظة تُقال في كل احتفال رسمي، وتمر مرور الكرام مثل كل الوعود الأخرى للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
4- المرونة مفتاح النجاة
بعيدًا عن الأوهام القديمة المرتبطة بتخصصات الكليات وما يسمى بـ”سوق العمل” وهذا الكلام الفاضي، صار من المؤكد أن أي خريج في الجمهورية الجديدة لازم يتحلى بأعلى درجات المرونة، وأحيانًا أعلى درجات التنازل عن الأحلام.
خريج الطب، اللي كان زمان رمز للوجاهة الاجتماعية و”فرح أم العريس”، ممكن يلاقي نفسه واقف في محل موبايلات، بيشرح للزبائن الفرق بين أنواع السماعات البلوتوث. خريج حاسبات بعد سنين دراسة ومشاريع تخرج وشهادات تقدير، ممكن يصحى من النوم يلاقي نفسه مشرف وردية في كافيه بيقدم بان كيك.
خريج التجارة، اللي حلم طول عمره يشتغل في بنك أو شركة متعددة الجنسيات، ممكن في لحظة يكتشف أن أسرع طريقة للرزق هو أنه يفتح قناة على تيك توك ويشرح فيها وصفات توفيرية أو يعمل تحديات أكل.
السوق هنا مبقاش يعترف لا بألقاب أكاديمية ولا بشهادات عليها ختم النسر. المهارة الوحيدة اللي مطلوبة دلوقتي بقت القدرة على التكيف، سرعة استيعاب الصدمة، وتقبل خيبات الأمل المتتالية بقلب جامد وابتسامة باهتة.
البلد محتاجة ناس تعرف تقول “ماشي” لأي فرصة تيجي في السكة، وأي شغلانة ممكن تدخل جيبك فيها جنيه زيادة. سواء لبست بالطو أبيض أو تي شيرت بتاع توصيل طلبات، المهم تدفع الإيجار وتسد فواتير آخر الشهر، وهنا لا يفوتني أن أذكر الحكمة القديمة الجديدة الخالدة الواعدة: “طول ما التلاجة محتاجة.. اشتغل أي حاجة”.
5- معاك واسطة؟
في عالم التوظيف المصري، لم تعد الكفاءة أو الشهادات أو حتى التقديرات النهائية كافية لفتح أي باب من أبواب الرزق. الحقيقة المرة التي بات الجميع يعرفها، حتى لو أنكرها في العلن، أن العلاقات الشخصية، والمعارف، والقرابة من أصحاب القرار، والانتماء الاجتماعي، كلها أصبحت مفاتيح رئيسية لأي فرصة عمل، سواء كانت وظيفة في بنك، أو تعيين في شركة قطاع خاص، أو حتى وظيفة حكومية بنظام العقود المؤقتة.
اللي عنده “ظهر قوي”، سواء كان قريب مسؤول، أو صاحب صديق متنفذ، أو حتى ابن خالة مدير الموارد البشرية، هيتخطى كل الطوابير، وهيتنقل من وظيفة لوظيفة بكل سلاسة وكأن القدر بيبتسم له وحده.
أما الغلابة اللي لسه مؤمنين بنظرية “تكافؤ الفرص” و”المساواة في سوق العمل” وغيرها من هذه الشعارات الحمضانة، فهينزلوا من بيوتهم كل يوم ومعاهم CV متنسق، وCover Letter مكتوب بحماس، وهيروحوا مقابلات وياخدوا وعود مطاطة ومش هيوصلوا لحاجة.
وفي الآخر، هيكتشفوا إن كل اللي اتقال عن العدل مجرد وهم جميل زي أغنية وطنية قديمة، مفيش مكان لها على أرض الواقع الحالي.
الواسطة دلوقتي مش بس وسيلة، دي أصبحت شرط وأحيانًا، الطريق الوحيد سواء رضيت أو ما رضيتش.
6- لا تنسَ شكر السيد الرئيس
وكما يختم كل إعلامي حلقته بجملة محفوظة من نوعية “كل الشكر والتقدير للقيادة السياسية”، صار من الضروري الآن أن تبدأ أنت أيضًا، كطالب ثانوية عامة، مسيرتك الدراسية بمزيد من الامتنان والتقدير.
اشكر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على المبادرات الرئاسية التي تحولت إلى أخبار يومية في نشرات التاسعة وعلى المشروعات القومية التي غيرت ملامح البلد وعلى العاصمة الإدارية الجديدة التي صارت حلم كل موظف أن يعمل فيها، ولو حتى في وظيفة ساعي بريد.
اشكره على الكباري التي أصبحت جزءًا من الهوية البصرية لكل منطقة، وعلى السياسات الاقتصادية التي علمت الشعب دروسًا مجانية في مفاهيم مثل “التعويم”، و”تحرير سعر الصرف”، و”ضبط الأسواق بالامتناع عن الشراء”.
ولا تنسَ أن توجه التحية أيضًا إلى خطط التنمية الشاملة، التي جعلت من رحلة الثانوية العامة مجرد محطة مؤقتة في مسيرة طويلة عنوانها الوحيد: التحدي المستمر، والصبر على الأوضاع، والتكيف مع المتغيرات، سواء كانت في سعر الدولار، أو في عدد فرص العمل المتاحة، أو حتى في قدرة الأسرة على شراء كيس رز.
وفي انتظار إعلان النتيجة، تبقى النصيحة الأهم التي أقدمها لك كرئيس للتحرير: لا تقلق من المجموع كما أخبرتك فالمستقبل بكل تفاصيله محجوز سلفًا ومحدد مسبقًا ونصيبك هيصيبك وتحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.