الحكومة ترفع أسعار السجائر وتُحذّر من الإقلاع عن التدخين

الحكومة

في خطوة وُصفت بأنها “استثنائية وغير مسبوقة” في تاريخ النظم الضريبية العالمية، أقر مجلس النواب المصري تعديلات جذرية على قانون ضريبة القيمة المضافة، تقضي برفع أسعار السجائر بنسبة تصل إلى 23%، وفرض ضريبة 10% على البترول الخام، ورفع الضرائب على الكحوليات بنسبة 15%.

لكن المدهش هذه المرة لم يكن في الأرقام، بل في الفلسفة الجديدة التي تتبناها الدولة: “الاقتصاد النيكوتيني”، حيث أصبحت السيجارة ليست فقط وسيلة للترفيه أو الهروب من ضغوط الحياة، بل أداة رئيسية لتمويل الخزانة العامة.

ورغم تأكيد المسؤولين على أن الحكومة لا تهدف إلى تحميل المواطن أعباء إضافية، فإن الجدول الزمني المعلن يشير إلى زيادات سنوية متتالية في أسعار السجائر والكحوليات تمتد لثلاث سنوات، ما دفع مراقبين إلى القول إن الحكومة قررت أن تُقلع هي عن التردد المالي، بدلًا من أن يُقلع المواطن عن التدخين الصحي.

بهذه الخطوة، تتحول مصر رسميًا إلى أول دولة في العالم تعتمد على رئة مواطنيها كمصدر للدخل القومي، ضمن نموذج اقتصادي مبتكر، لا يعتمد على الإنتاج أو الصناعة أو الزراعة، بل على “الاستنشاق المسؤول”، و”الاحتراق الممول”.

الحكومة: دخانك مش ضار.. دخانك استثمار

من جانبها أصدرت الحكومة المصرية، بيانًا أكدت فيه أن “السجائر لم تعد مجرّد عادة سيئة كما يُشاع، بل تحوّلت إلى أحد أبرز أركان الاقتصاد الوطني”، مشيرة إلى أن تزايد حالات الإقلاع عن التدخين يُشكّل تهديدًا مباشرًا لخطة الدولة في تعظيم الإيرادات غير التقليدية.

اجتماع الحكومة مع الرئيس السيسي

وتروّج الحكومة للمشروع الجديد بشعار غير رسمي بدأ يتسرب من أروقة وزارة المالية: “دخانك مش ضار.. دخانك استثمار”، في محاولة لإعادة تعريف العلاقة بين المواطن والسيجارة بوصفها “مساهمة مستدامة في الناتج المحلي الإجمالي”.

وأكد البيان أن الاعتماد المتزايد على ضرائب التبغ يفرض مسؤولية مشتركة بين الدولة والمدخنين، مضيفًا أن “كل سيجارة لا يتم تدخينها تُساوي حفرة جديدة في طريق الكورنيش، أو وحدة سكنية بلا تشطيب، أو عمود إنارة مش هيتركب”.

تحذير شديد اللهجة

كما أعربت الحكومة عن “بالغ قلقها” من تزايد حالات الإقلاع الطوعي عن التدخين، ووصفتها بأنها “سلوك غير وطني يُهدد استقرار الميزانية العامة، ويُضعف قدرة الدولة على تمويل مشروعاتها القومية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الإقليمية وتقلّب أسعار الولاعات عالميًا”.

وأشار البيان إلى أن “الإقلاع عن التدخين في هذه المرحلة الدقيقة قد يُفسر من الخارج على أنه تخلٍّ جماعي عن المسؤولية الوطنية، وهو ما يُعطي انطباعًا سلبيًا للمؤسسات الدولية المانحة ويُضعف تصنيف مصر الائتماني في مؤشر الاعتماد على المواطن المدخّن.”

وقال المتحدث باسم الحكومة: “نحن لا نمنع المواطن من تحسين صحته، لكن لا بد أن يتم ذلك في إطار من الشفافية والتنسيق المالي، تجنبًا لأضرار غير محسوبة على الاقتصاد العام.”

وأضاف:  “إذا كان المواطن مصرًا على الإقلاع، فعليه إخطار أقرب مكتب ضرائب، وطلب نموذج (4 تدخين سابقًا)، وتقديم ما يثبت سداد مستحقاته عن السنوات التي استنشق فيها بحرية، حفاظًا على الشفافية الضريبية.”

مصطفى مدبولي رئيس الحكومة

الإعلام يُؤكد: “شعب مدخن هو شعب مُنتج”

وفي تغطية إعلامية موسعة للقرار، خصصت القنوات الرسمية والموالية للدولة برامج كاملة تحت شعار: “نفَسك هو مستقبل ولادك”، وفي حلقة استثنائية من برنامجه “الوطن أولاً”، قال الإعلامي لؤي الخطير: “الدولة دي مش محتاجة مواطن يوقف سجاير علشان يعيش يومين زيادة، إحنا محتاجين مواطن يشرب ويولّع وينفخ في وش العجز”،  وتابع الخطير، وهو يشعل سيجارة لايت أمام الكاميرا: “أنا كنت ناوي أبطل.. بس بصراحة بعد اللي سمعته، حسّيت بالخيانة. الدولة وقفة على نفَسي، مصر دي مش بلدي .. دي أمي وأنا عمري ما هخذلك يا أمي، وكل يوم هولع علبة بوكس أو إل إم فداكي يا أمه”

من جانبها قررت مصلحة الضرائب إهداء الإعلامي لؤي الخطير شهادة تقدير “لدوره المحوري في ترسيخ ثقافة الالتزام المالي من خلال التدخين الممنهج”، مع اشتراك مجاني في نادي الشرقية للدخان.

البرلمان: التدخين مسؤولية وطنية

وفي جلسة برلمانية بدت وكأنها انعقدت داخل كشك سجاير كبير، أجمعت الأصوات على أن تعديل ضريبة القيمة المضافة على التبغ لا يُعد فقط قرارًا اقتصاديًا، بل “إجراء سيادي” لحماية العمود الفقري للموازنة العامة.

مقر مجلس النواب

 وأكد عدد من النواب أن الامتناع عن التدخين، خاصة في هذه المرحلة المفصلية من بناء الجمهورية الجديدة، هو “نوع من الإضراب الضريبي غير المعلن”، بل وذهب بعضهم إلى وصفه بأنه “مقاطعة غير دستورية لأحد مصادر الدخل المستقرة في البلاد”، لا تقل خطورة عن الدعوة إلى التقشف أو التفكير في تقليل استهلاك الكهرباء.

وصاح أحد النواب منفعلاً: “يعني نسيب المواطن يشرب سجاير في الخفاء؟ لأ طبعًا، نخليه يشرب بعِزّة، ويدفع وهو رافع راسه، عارف إنه بيبني بلد!”،  بينما اقترح آخر إصدار بطاقة ذكية تُسجّل عدد السجائر المستهلكة شهريًا لتحديد درجة الولاء الضريبي لكل مواطن، مؤكدًا أن: “اللي بيستهلك أقل من علبتين في اليوم، ده مواطن نص كم، ما بيحبش البلد كفاية.”

من جانبه طرح نائب من اللجنة الاقتصادية مشروع قانون جديد باسم “التدخين المسؤول”، ينص على إنشاء نقاط بيع مركزية تابعة للدولة لضمان عدالة التوزيع، ويمنع بيع السجائر لمن لا يحمل “بطاقة دعم الموازنة”، وهي بطاقة تُمنح للمواطنين “الملتزمين بالحد الأدنى من الاستهلاك”.

كما طالبت نائبة من لجنة الشؤون الاجتماعية بإدراج مادة التبغ في المقررات الدراسية ضمن باب “الاقتصاد الوطني”، حتى يعي الطلاب منذ الصغر أن كل سيجارة يُشعلها والدهم “ليست فقط هروبًا من الهمّ، بل مساهمة في بناء الكوبري القادم.”

هذا وقد رُفعت الجلسة بعد مناقشات استمرت أربع ساعات تخللتها فترات استراحة لشراء السجائر وتبادل الولاّعات، وسط إشادة من رئيس المجلس بـ”الوعي الوطني المرتفع تحت القبة”.

وزارة المالية: نُشجّع على الاستهلاك المنتظم

وفي محاولة لاحتواء الموقف وطمأنة الأسواق، أعلنت وزارة المالية عن سلسلة من الحوافز لتشجيع المواطنين على الحفاظ على نمط استهلاك ثابت ومنتظم للسجائر، ضمن ما يُعرف رسميًا بـ “برنامج المواطن الداعم”، الذي يهدف إلى ربط صحة الموازنة بصحة الرئتين.

ويشمل البرنامج عددًا من الامتيازات، أبرزها:

  • خصم ضريبي تصاعدي يُمنح مقابل كل 10 علب يتم شراؤها شهريًا من المنافذ الرسمية، مع فئة مميزة للمواطنين الذين يثبت استهلاكهم المستمر لمنتجات التبغ المحلية دون انقطاع لمدة 12 شهرًا متتالية.
  • إطلاق برنامج نقاط ولاء قومي، يحصل من خلاله المواطن على نقاط مقابل كل علبة يتم مسح باركودها عبر التطبيق الرسمي “سجّنت”، ويمكن استبدال النقاط بكروت شحن، أو اشتراكات رمزية في النوادي، أو كولدير مياه في المناطق التي يقل فيها الاستهلاك.
  • شهادة تقدير من مصلحة الضرائب تُمنح سنويًا في احتفالية رسمية يقيمها جهاز تنظيم الموارد البديلة، وتشمل التقاط صور تذكارية مع تمثال ذهبي لعلبة سجاير، وميدالية “المدخن المثالي” التي تُعلّق على الصدر بجانب بطاقة التموين.

كما تدرس الوزارة بالتعاون مع الشركة الشرقية للدخان إصدار كتيّب إرشادي بعنوان “كيف تدخّن بمسؤولية؟” يتضمن نصائح حول أوقات التدخين المثلى لدعم الخزانة، وكيفية اختيار المنتجات التي تحقق أعلى عائد ضريبي ممكن.

وأكد المتحدث باسم الوزارة أن هذه الإجراءات “لا تهدف بأي حال من الأحوال إلى تشجيع الإدمان، بل إلى تنظيمه في إطار مؤسسي متماسك يخدم الصالح العام، ويضمن تدفقًا مستقرًا للإيرادات بعيدًا عن التقلبات النفسية والسلوكيات العشوائية للمواطن.”

وأشار إلى أن الوزارة تُجري الآن دراسة جدوى حول ربط الاستهلاك التبغي بسلم الترقيات في بعض الجهات الحكومية، بحيث يُعتبر “الالتزام الضريبي من خلال التدخين” أحد معايير تقييم الولاء الوطني.

ضبط مواطن خفّض استهلاكه من السجائر بنسبة 60%

وفي تطور أمني لافت يعكس يقظة أجهزة الدولة، ألقت الجهات المعنية القبض على المواطن “ع.ع” من محافظة الدقهلية، وتحديدا مدينة المنصورة، بعدما لاحظ البقال المجاور له انخفاضًا بنسبة 60% في شرائه للسجائر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهو ما اعتبرته السلطات “تحولًا سلوكيًا مريبًا لا ينسجم مع المصلحة الوطنية”.

وبحسب تقرير أولي صادر عن لجنة مشتركة بين وزارة الداخلية، ومصلحة الضرائب، وجهاز متابعة الالتزام الشعبي، فإن المواطن المذكور “أبدى سلوكًا انسحابيًا عنيفًا تجاه الدخان”، حيث أقدم على إغلاق النوافذ عمدًا عند مرور بائع المعسل، وتوقف عن شراء كبريت منذ أكتوبر الماضي، كما رُصد وهو يمرّ بجوار كشك سجائر دون أن يلقي نظرة، وهي كلها مؤشرات وصفتها اللجنة بـ”الاضطراب في التفاعل مع المنظومة التمويلية”.

وتبيّن كذلك، وفقًا للتقرير، أن المتهم كان يتبادل عبر تطبيقات مشبوهة روابط لمقاطع فيديو تحتوي على نصائح للإقلاع عن التدخين وعبارات تحفيزية من نوع خلي صحتك أولويتك وغيرها من العبارات التي تهاجم التدخين، وهي عبارات صنّفها الجهاز الوطني للأمن الفكري كمحتوى موجه يندرج تحت بند “التحريض السلبي على الانسحاب المالي من الدولة”.

كما أظهرت التحقيقات الأوّلية ارتباط المواطن الموقوف بمجموعات على فيسبوك تحمل أسماء مثل “هنبطّل سجاير سوا” و”نادي النفس الطويل”، يُشتبه في كونها واجهات إلكترونية لجماعة الإخوان المسلمين وأهل الرش والماسونيين تهدف إلى إضعاف الإيرادات الضريبية من التبغ، والتشكيك في جدوى الاقتصاد النيكوتيني.

وصرّح مصدر أمني مسؤول أن هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي في إطار “مخطط أوسع تُديره قوى الشر لإضعاف قدرة الدولة على تمويل مشروعاتها القومية من خلال تقليص الاستهلاك الداخلي”، مشيرًا إلى أن هناك أعدادًا من المواطنين تأثروا بذات الفكر المنحرف، وبدأوا تدريجيًا في تقليل استنشاقهم الطوعي، دون الرجوع للجهات المختصة.

هذا، وقد طالبت جهات سيادية بسرعة مراجعة أرشيف المشتبه به، والتحقّق من احتمالية تلقيه تعليمات من جهات خارجية، خصوصًا بعد العثور على صورة على هاتفه لعلبة سجائر مكتوب عليها بخط اليد: “أنا أقوي من السجاير وصحتي مش لعبة” وهو ما اعتُبر تهديدًا مباشرًا لأمن الموازنة العامة.