بمميزات جبارة.. الحكومة تُطلق تطبيق “استحملونا” لاحتواء الغضب الشعبي

الحكومة المصرية

في خطوة وُصفت بـ”الرائدة” في مجال الذكاء الاصطناعي الاجتماعي، أعلنت الحكومة المصرية عن إطلاق أول تطبيق حكومي من نوعه تحت اسم “استحملونا”، يهدف إلى احتواء الانفعالات الشعبية وتنظيم مشاعر الغضب الجماهيري الناتجة عن الأحوال الاقتصادية، وانقطاع الكهرباء، وتذبذب العملة أو انهيارها بشكل أدق، وانعدام الأمل.

وأكد المتحدث الرسمي للحكومة خلال مؤتمر صحفي عُقد تحت إضاءة هاتف محمول بسبب تخفيف الأحمال، أن تطبيق استحملونا يمثل “قفزة نوعية في العلاقة بين الدولة والمواطن”، مضيفًا: “نحن لا نعد بحل المشكلات، بل نعد بتقليل آثارها النفسية… المواطن زهقان، فحبينا نسمّعه كلمة طيبة، وكلنا عارفين إن الكلمة الطيبة صدقة ولا إيه؟”

مجلس الوزراء

وحول أبرز ميزات التطبيق تشمل روبوت محادثة ذكي يدعى “معلش”، مُبرمج على الرد على أي شكاوي أو بلاوي أو ندب بكلمة واحدة فقط وهي “معلش” لأنها تريح الأعصاب ولها مفعول السحر في احتواء المشاكل بحسب استطلاع خاص بالحكومة، بالإضافة إلى ميرة أخرى يُسمى “فضفض”، يتيح للمستخدم إرسال شتيمة مكتومة تختفي بعد 3 ثواني وهو ما يتيح للمواطن التنفيس عن غضبه دون أن يقع تحت طاولة القانون أو يختفي وراء الشمس نظرا لانتقاده أسياده في الحكومة.

اسمع واهدي.. ألبوم وطني لخفض ضغط الدم

يتضمن التطبيق كذلك قسمًا موسيقيًا مبتكرًا بعنوان “اسمع واهدى”، وهو بمثابة وصفة نفسية مجرّبة لخفض ضغط الدم واحتواء نوبات الغضب الناتجة عن الأزمات الاقتصادية والمعيشية، عبر مجموعة مختارة بعناية من الأغاني الوطنية ذات الترددات الشعورية العالية.

ويحتوي الألبوم على أغنيات محفزة، كما يضمّ نسخ ريمكس من الأغاني القديمة بتوزيع جديد يتناسب مع ضربات القلب المرتفعة، مع صوت خلفي يردد كل 15 ثانية: “مصر أمك .. استحمل شوية عشانها”.

وأكد المستشار الثقافي لمركز التحكم الشعوري التابع لرئاسة الوزراء أن “الموسيقى الوطنية أثبتت فاعليتها بنسبة 73% في تهدئة المواطن الغاضب بعد صدور قرار زيادة أسعار البنزين، وتفوقت على المهدئات التقليدية في حالات معينة”، بحسب دراسة محلية لم يتم الكشف عن مصدرها أو منهجيتها لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

وأضاف أن التطبيق مُبرمج لرصد ارتفاع معدل نبض المستخدم أو نبرة صوته عند الكلام، وفي هذه الحالات، يتم إرسال إشعار تلقائي ويُقترح عليه الاستماع لأغنية “بحبك يا بلادي” أو ترديد عبارة “تحيا مصر” بشكل متكرر وسريع دون انقطاع حتى زوال الأعراض.

كما تم تخصيص ميزة حصرية للمستخدمين الجدد تُدعى “بحبك يا رئيسي“، حيث يظهر وجه الرئيس بشكل كرتوني على الشاشة وهو يردد معك: “اصبر… خليك إيجابي… بكرة أحلى”، ما يخلق شعورًا بالاحتواء والطمأنينة، ويقلل من احتمالات رمي الهاتف من الشباك.

وفي حال لم تُجدِ الأغاني نفعًا، يُعرض على المستخدم تشغيل خاصية “السمّاعة الوطنية”، وهي ميزة تجعل الهاتف يصدر صوت هتافات جماهيرية مثل: “بنحبك يا ريس!” “تحيا مصر”، مما يُشعر المواطن بأنه ليس وحيدًا في معاناته.

لله يا محسنين.. حسنة قليلة تمنع بلاوي كتيرة!  

واحدة من أكثر الميزات “إنسانية” في التطبيق الجديد هي خاصية “لله يا محسنين”، التي تتيح للمواطن تقديم تبرعات مباشرة لدعم الدولة، عبر زر مخصص بعنوان واضح وصريح: “حسنة قليلة تمنع بلاوي كتيرة”.

الميزة تسمح للمستخدم بالتبرع عبر التطبيق بمبالغ مالية تبدأ من “الفكة الموجودة تحت المرتبة”، ولا تنتهي عند التحويل البنكي الرسمي، إلا أن اللافت في التصميم أن التطبيق لا يقتصر على استقبال المال، بل يفتح المجال للتبرع بأغراض أخرى “وفق قدرة المواطن”، مثل “دهب، سجاير، أكياس مكرونة، هدوم شتوي، بطاطين، سندوتشات، أو حتى ولاعة فاضية”.

وقد صرّح المتحدث الرسمي باسم وحدة التبرعات المجتمعية بوزارة المالية أن الهدف من هذه المبادرة هو “تحفيز الحس الوطني داخل كل فرد”، مشيرًا إلى أن “المواطن مبقاش عنده دم ولا بيحس ببلده، عشان كدا أطلقنا المبادرة دي يمكن يحس علي دمه ويتبرع بأي حاجة”.  

كما يدعم التطبيق خيارًا جديدًا يُدعى “اتبرع بكلمة حلوة”، يتيح للمستخدم إرسال عبارات تشجيعية للدولة تُحفظ تلقائيًا في “بنك المشاعر الإيجابية”، وفيما يخص الجانب اللوجستي، تم الإعلان عن تعاون مشترك بين وزارات التموين والداخلية لنقل التبرعات العينية عبر مندوبي التوصيل الحكوميين، والذين سيُكلفون بجمع التبرعات من البيوت بعد التنسيق المسبق، شرط ألا تقل قيمة التبرع عن نصف كيس مكرونة أو ما يعادله.

وقد سجل التطبيق، بحسب بيان رسمي، في أول ثلاثة أيام من التشغيل التجريبي، حصيلة أولية بلغت: خمسة كيلو أرز، ثلاث بطاطين، مبلغ نقدي قدره 116 جنيهًا، بالإضافة إلى كيس شيبسي مفتوح، تم استلامه من طفل أصر على “المشاركة في مستقبل بلده”.

وأكدت الوزارة في ختام البيان أن المشروع ما زال في بدايته، وأنها تأمل خلال المرحلة القادمة في إطلاق فئة جديدة من المستخدمين المميزين تحت اسم “وطني VIP”، تُمنح لمن يتبرع باستمرار، وتُمنحه مزايا حصرية كتقارير شهرية عن تحمّله، ورسائل شكر صوتية من شخصيات رسمية بصيغة: “كتر خيرك .. كمل جميلك”.

مجاني لثلاثة شهور… ثم يبدأ الجدّ

وفي نهاية المؤتمر الصحفي، الذي عُقد تحت شعار “مواطن أكثر هدوءًا .. وطن أكثر استقرارًا”، فاجأ المسؤولون الحضور بالإعلان أن تطبيق “استحملونا” سيكون مجانيًا فقط خلال الأشهر الثلاثة الأولى، في إطار ما أطلقوا عليه “مرحلة التهيئة العاطفية”. أما بعد ذلك، فسيُصبح استخدامه متاحًا فقط بنظام الاشتراك الشهري، مع تقديم ثلاث باقات متفاوتة تناسب شرائح التحمل المختلفة.

وتبدأ الباقة الأساسية بسعر 25 جنيهًا شهريًا، وتمنح المستخدم الحق في ثلاث اعتذارات صوتية أسبوعيًا من الروبوت، بالإضافة إلى إمكانية الاستماع لمقطوعتين وطنيتين في اليوم. بينما ترتفع مزايا باقة “التحمّل المحترف” بسعر 65 جنيهًا، حيث تشمل خدمة الرد السريع عند الانهيار، مع إمكانية جدولة مكالمات تحفيزية تُرسل كل صباح من صوت مسجل لمسؤول غير معروف يقول: “أمك محتاجاك… انت قدّها”.

أما الباقة الأعلى، والمخصصة لمن يطمح للوصول إلى مستويات متقدمة من الصبر، فهي باقة “المواطن الصالح”، وتبلغ قيمتها 120 جنيهًا شهريًا، وتوفر للمستخدم خدمات استثنائية، من بينها رسالة صوتية أسبوعية من رئيس مجلس الوزراء نفسه، ونغمة رنين حصرية بصوت إعلامي شهير يقول: “انت مواطن صالح .. أمك راضية عنك”.

وقد رحب مجلس الوزراء بهذه الخطوة، معتبرًا إياها “فتحًا مبينًا في عالم الحوكمة الشعورية والتمويل الذاتي”، وأصدر بيانًا أكد فيه أن “ثقافة التحمل لا يجب أن تكون مجانية إلى الأبد”، مضيفًا أن “كل خدمات الدعم النفسي يجب أن تكون مستدامة، لأن الراحة النفسية مسؤولية مشتركة بين المواطن والدولة”، وأنه “زي ما المواطن بيدفع فاتورة الكهربا، من الطبيعي يدفع فاتورة الطبطبة”.

وفي المقابل، لم تُقابل هذه الخطوة بنفس الحماسة من جانب بعض المواطنين. إذ اكتفى أحدهم، والذي رفض ذكر اسمه خوفًا من انقطاع الخدمة عن التطبيق، بالقول: “أنا بس عايز مسؤول، ولا تطبيق، ولا روبوت، ولا حتى يكش عفريت… يجيبلي كهربا البيت عشان هموت من الحر. لكن مش عايز حد يقولي معلش ويسيبني في الضلمة. أنا مش محتاج طبطبة، أنا محتاج مروحة”.