أحمد موسى.. طبلة مصر الأولى!

في جمهوريتنا الجديدة، لا مكان للعشوائية، فلكل دولةٍ طبلة رسمية تعبّر عنها، تدق حين ينبغي الفرح، وتزمجر حين يُراد التخويف، وتدوّي حين لا يكون هناك أي شيء يُقال، وهنا يظهر الإعلامي صاحب الحنجرة القوية والطبلة الأصلية أحمد موسى، هو ليس مجرد مذيع، بل آلة إيقاع وطنية تضبط ترددات صورته على نبض الدولة.
فكما أن لكل جيش قائد ميداني، فللدولة شاشة يقودها هذا الرجل، الذي أثبت أن الصوت أحيانًا أهم من الصورة.
في الزمن الذي تتغير فيه انتمائات الأوطان كما تتغير خلفيات الاستوديوهات ولنا في عمرو أديب عبرة وعظة، وفي عصر صارت فيه الحقائق مرهونة بتوقيت إذاعتها، و”السكربتات” تُكتب بالحبر السيادي لا بالحبر الصحفي، برز اسم واحد أصبح مرادفًا لـ”الموقف الرسمي المصوّت” قبل أي بيان، و”الرؤية التطبيلة للدولة” قبل أي مؤتمر.
إنه أحمد موسى، المواطن الإعلامي، الصوت الذي سبق كل الصورة، والطبلة التي عزفت منفردة حتى أصبحت فرقة موسيقية كاملة، لم يكتفِ أحمد موسى بمكانه كمقدّم برامج، بل صعد إلى منصة أخرى ، اسمها منصة الدفاع عن الرئيس وكل ما يخص الرئيس فوق أي أرض وتحت أي سماء، وتحول من مجرّد قارئ أخبار إلى فاعل استراتيجي على الهواء، يصرخ حين تحتاجه الدولة، ويهدأ حين يُطلب الصراخ.

هو الذي يعرف النوايا ويعلن عن السياسات قبل أن تُدرس في اللجان، ويهاجم القوافل والمؤتمرات قبل أن تصل مطار القاهرة، ويدافع عن الحكومة حتى قبل أن تخطئ، أحمد موسى لا ينتظر إشارة، بل هو الإشارة ذاتها، هو الدف الوطني الذي يُضبط عليه المزاج العام.
إنه ليس إعلاميًا بالمعنى التقليدي، بل هو النموذج المكتمل للإعلامي الذي يمثل الدولة في غياب المتحدث الرسمي، ويؤدي دور المسؤول حين يتلعثم الوزير، ويصيغ النفي الرسمي حين يصعب الرد، في جمهوريتنا الجديدة، لم يعد الإعلام وظيفيًا فقط، بل أصبح شريكًا في الحُكم، سلاحًا في المعركة، ودرع في مواجهة المعارضة، وأحمد موسى – بقدراته الصوتية ومهاراته في التنقل بين النبرة العالية والتبرير السريع – صار التجسيد الأوضح لذلك الإعلام.
فمن هو أحمد موسى؟ وكيف تحول من إعلامي عادي إلى طبلة قومية رسمية يُعاد ضبط الرأي العام على إيقاعها؟
هذا ما سنحاول استكشافه في هذا التقرير
أحمد موسى .. قصة كفاح
وراء كل إنسان ناجح قصة، ووراء كل طبلة وطنية حقيقية حكاية كفاح، ولا أحد يجسّد هذه القاعدة مثل مانتحدث عنه اليوم، المقاتل خلف الميكروفون، صاحب أنقى نبرة تأييد عرفتها الأذن العربية: أحمد موسى.
بدأ أحمد موسى رحلته من بلاط صاحبة الجلالة، صحفيًا شابًا يحمل دفترا وقلمًا، وأحلامًا بسيطة كأن يكتب تحقيقًا نزيهًا، لكن سرعان ما اكتشف الحقيقة المؤلمة: الأسئلة الحقيقية لا تُسأل، والنزاهة مش من شروط الترقية.
وبذكاء فطري، قرأ المشهد جيدًا، وفهم قواعد اللعبة:
■ المذيع الناجح مش اللي عنده رأي
■ ولا اللي بيكشف فساد
■ المذيع الناجح هو اللي بيعرف يقول “تحيا مصر” بأكتر من طبقة صوت
■ هو اللي يلاقي في قرار رفع الأسعار “فرصة عظيمة لتأهيل وعي المواطن”
■ واللي يحوّل كل أزمة إلى “مؤامرة من الخارج”.
ومن هنا، بدأ التحوّل الكبير. تحوّل أحمد موسى من مجرد صحفي عادي، إلى صوت للدولة وداعم مميز للمسؤول – أي مسؤول – مش هتفرق، صار صوته ومصدرًا للطمأنينة للسلطة، ومصدر قلق دائم لأي معارض.
أحمد موسى لم يصل إلى القمة فجأة، بل تدرّج في سلم الولاء:
- من كاتب أخبار إلى مذيع
- ومن ناقل تصريح إلى مُلقِّن للرأي العام
- ومن مُحلل سياسي إلى طبّال سيادي معتمد بختم الدولة
أول إنسان 5G
في عصر السرعة والتقنيات المتطورة، كانت البشرية تتطلّع إلى إنترنت أسرع، أجهزة أذكى، وتغطية أشمل لكن ما لم تتوقّعه شركات الاتصالات أن الحل مش في أبراج الشبكات، بل في أحمد موسى نفسه، الرجل الذي أثبت للعالم أن الإنسان يمكن أن يتحوّل إلى برج بث وطني، و”راوتر سيادي” يبث كل شيء من حب الوطن حتى إنذارات الحرب، وكل ده في الزمن الحقيقي Real-time propaganda!
أحمد موسى مش مجرد إعلامي، هو كائن مُدجّج بالباندويث الوطني تلاقيه:
يستقبل إشارات القيادة في لحظتها يعالجها في دماغه (أو أي وحدة معالجة بيشتغل بيها) يبثها فورًا في صيغة “معلومات حصرية من مصادر سيادية” وكل ده من غير لا VPN ولا لاج.
هو أول إعلامي يشتغل بـ”اللايف داونلودنج”. يعني الحلقة لسه ما خلصتش، والمصطلحات جاهزة للنزول:
■ القيادة السياسية الحكيمة
■ الشعب لازم يستحمل شوية
■ فيه حملات ممولة عشان تضرب الاستقرار
■ والسيسي مبينامش وبيشتغل 24 ساعة
ولأن أحمد موسى 5G، فهو بيشتغل دايمًا في 5 مستويات متزامنة:
السياسي: فاهم أبعاد الحرب، حتى لو مش فاهم حدود الدول ولا يعرف عنها حاجه
الاقتصادي: يفسر ارتفاع الدولار على إنه “حالة مرونة نقدية متقدمة”..
الاجتماعي: عنده حلول لأزمات المرور والطلاق والبطالة بـ3 جُمل جاهزين.
السيبراني: بيكشف خلايا إلكترونية، رغم إن حسابه على فيسبوك متأمن بكلمة سر: “تحيا_مصر_123”.
الروحاني: بيدّي الناس أمل بإن “الرئيس شايف اللي محدش شايفه”.
باقي ويتمدد
منذ اللحظة التي وُلد فيها أحمد موسى إعلاميًا، لم يعرف طريقًا للتراجع، الرجل لا يتقاعد، لا يتعب، لا يمل، لا يسهو، بل يتمدد.
يتمدّد على الشاشة، في مدة الحلقة، في مساحة الصوت، وفي حجم الانفعال
تمامًا كمعجون الوطنية… كلّما ضغطت عليه، خرج لك أكثر.
أحمد موسى لا يقدّم برنامجًا، بل يشنّ حملة، كل يوم، كل حلقة، كل دقيقة، معركة جديدة.
إنجاز؟ نحتفل.
أزمة؟ نُهوّن.
فضيحة؟ نتجاهل.
سؤال منطقي؟ نعتبره خيانة.
الرجل تجاوز كونه “إعلامي النظام” ليصبح “النظام الإعلامي” نفسه، لا حاجة لنشرات رسمية، ولا مؤتمرات صحفية، ولا بيانات عاجلة، ما دام موسى باقٍ ويتمدد.
في زمن الشاشات الرمادية، يطل علينا موسى كصوت السلطة الحيّ، كجهاز إنذار تلفزيوني، يُطلق صافرة الدفاع الوطني فور الشعور بأي “خلل” في مزاج القيادة.
جُمَل لا تُراجع، ولا حتى تعرف معناها، لكنها تُقنعك أنك على حافة مؤامرة، وأن أحمد موسى وحده هو خط الدفاع الأخير.
ببساطة .. هو لسان الدولة حين لا ترغب الدولة أن تتكلم، هو الدليل الحي على أن التطبيل ليس مرحلة بل عقيدة باقية، طبلة الجمهورية المصرية الحديثة، يدوّي حين يصمت الجميع، ويشرح حين لا يفهم أحد، ويبتكر حين تختفي الحقائق، فكما يُقال: “لكل دولة صوت.. وصوت مصر أحمد موسى”.
