في حضرة عزت متولي.. يسقط العلم وتحيا التحية العسكرية

عزت متولي

في معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران، لم تعد المفاضلة بين من يُتقن معادلات الرفع والدفع ومن يكتب أبحاثًا علمية تُنشر في أبحاث دولية، بل بات التقييم الحقيقي قائمًا على أداء التحية العسكرية، وسرعة الوقوف عند دخول اللواء عزت متولي، رئيس المعهد والقائد الأعلى للأكاديمية.

اللواء عزت متولي

نحن أمام لحظة فاصلة في تاريخ التعليم المصري، حيث امتزجت الوطنية بالهيبة، واختلطت العلوم التطبيقية بفنون الانبطاح، فقد قرر اللواء عزت متولي أن 100 من أعضاء هيئة التدريس والعاملين لم يعودوا يصلحون لخدمة “الوطن”، ليس لأنهم مقصرون علميًا أو مخلّون وظيفيًا، بل لأنهم ارتكبوا جريمة رفض أداء التحية العسكرية له شخصيًا.

 نعم، لم يُهنّوا الوطن، بل لم يهنّوا عزت متولي، وهذه وحدها تُعد في الجمهورية الجديدة خيانة تربوية وعلمية تستوجب الإقصاء الفوري.

والأدهى من ذلك، أن بعضهم، كما ورد في شهاداتهم، أبدوا تحفظًا على المظاهر العسكرية داخل معهد أكاديمي مدني، وكأنهم يجهلون أن جمهوريتنا الجديدة لا تعترف بالفصل بين التعليم والانضباط، ولا تميّز بين المعادلات الفيزيائية وأوامر السيادة.

في هذا السياق، يُصبح واضحًا أن معيار الوطنية لم يعد مجرد حب الوطن، بل احترام التراتبية والولاء لا يُقاس بالشهادات، بل بزاوية انحناء الرأس عند تحية سيادة اللواء.

وهكذا، يثبت عزت متولي أن إعادة هيبة التعليم تبدأ بإعادة هيبته هو شخصيًا، وأن المعهد لا يحتاج علماءً يُربّون العقول، بقدر ما يحتاج جنودًا يُربّون أنفسهم على الانضباط العسكري، ولو على أنقاض المنظومة التعليمية ذاتها.

 من يرفض التحية خاين وليلته سودا 

في الجمهورية الجديدة لم يعد معيار الوطنية هو عدد الأبحاث في الأكاديمية بل أصبح السؤال الأهم، بل الوحيد: هل أديت التحية العسكرية لسيادة اللواء عزت متولي؟، في معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران، لم يعد الانتماء للوطن يُقاس بالانتماء لقيم التعليم، بل بالانضباط العسكري في التعامل مع من يمثل الدولة، أيًا كانت رتبته أو درجته أو تعريفه.

اللواء عزت متولي ليس فقط رئيسًا للمعهد، بل رمزًا حيًا للدولة نفسها، وهيبتها، وعظمتها التحية له ليست مجرد إجراء بروتوكولي، بل هي تعبير وجودي عن مدى ولائك للدولة العميقة، الممتدة من جذور المؤسسة العسكرية حتى فروع التعليم المدني.

وهكذا، تحولت قاعات المحاضرات داخل معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران إلى ميادين تفتيش يومي على سلامة الانتماء، من لم يرفع يده احترامًا لـ اللواء عزت متولي، وكأنه رفض رفع علم مصر نفسه كأنّ عدم تأدية التحية نوع من العصيان المدني، بل محاولة تمرد علمي لا يُسكت عنها.

لقد أصبح الأمر أكثر وضوحًا الآن: التحية أولًا، ثم التدريس، ثم البحث العلمي إن أمكن، أما من يتجرأ على ترك يده مرتخية أو ينسى الوقوف فور دخول سيادة اللواء إلى القاعة، فهو خطر على الأمن الأكاديمي، وربما تهديد لمنظومة “القيم الجديدة” التي تتبناها الجمهورية الجديدة.

والأخطر أن هذه الجريمة – أعني عدم أداء التحية لـ عزت متولي – لا تحتاج إلى لجنة تأديبية، ولا إلى سماع أقوال، ولا إلى فحص ملفات، هي جريمة مرئية، واضحة، موثقة بنظرات الغضب وخذلان الدولة وبالتالي، كان القرار الطبيعي، المنطقي، الذي يليق بالمقام: فصل 100 موظف وأستاذ من المعهد، لأنهم فشلوا في أبسط قواعد المواطنة: إظهار الاحترام العسكري اللازم.

وبينما يحاول البعض التشدق بحرية الفكر الأكاديمي وفصل التعليم عن السياسة، يؤكد الواقع داخل معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران أن المرحلة الحالية لا تحتمل التنظير، وأن من لا يحيّي اللواء اليوم، قد يرفض الوقوف للنشيد غدًا، وقد يُشكك في زعامة الرئيس عبدالفتاح السيسي غدًا. 

 رضا اللواء من رضا الوطن

لا تكن ساذجًا وتعتقد أن التعليم منفصل عن الأمن القومي، في مصر الجديدة، المعادلة بسيطة:
من يرفض التحية العسكرية لسيادة اللواء، يرفض الدولة، ويهدد أمنها الفكري والسياسي والتكنولوجي.

هل يُعقل أن يقف أستاذ جامعي أمام اللواء عزت متولي، رئيس الأكاديمية، دون أن يلتقط له التحية العسكرية كما تلتقط كاميرا الأمن الوجوه؟ أي استخفاف هذا؟ كيف نُربي أجيالًا تحترم البيادة إذا كان أساتذتهم يرفعون عقولهم ولا يرفعون أيديهم؟

رضا سيادة اللواء، هو بوابة رضا الوطن، ومن يريد أن يعلّم أبناءنا الطيران، عليه أولًا أن يُحلّق في سماء الانضباط.

التعليم الانبطاحي.. مناهج الجمهورية الجديدة

تسير الجمهورية الجديدة بخطى ثابتة نحو ما يُعرف بـ “تحديث التعليم”، ولكن دعونا نكون أكثر دقة: المقصود ليس تحديث المناهج، ولا تطوير أساليب التدريس، ولا رفع كفاءة المعامل أو ربط التعليم بسوق العمل، لا.. التحديث الحقيقي بدأ حيث لم يتوقع أحد: في الركب المنحني، واليد المرفوعة بتحية عسكرية لـ اللواء عزت متولي، رئيس معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران.

لقد خرج التعليم من عباءة الأكاديمية، ودخل بثقة في كُمّ الانضباط العسكري، لم يعد مطلوبًا من عضو هيئة التدريس أن يُبدع، أو أن يحفّز عقول الطلاب، أو أن يثير التساؤلات داخل القاعات، المطلوب الآن بسيط: اعمل التحية العسكرية للّواء عزت متولي فور دخوله المبنى، وبحماس يُشعر الدولة كلها بالطمأنينة.

هذه هي مناهج الجمهورية الجديدة. لا تسأل عن الـ”Credit Hours”، ولا عن الجدارات، ولا عن جودة التعليم فقط اسأل: هل يقف الأستاذ الجامعي في وضع “انتباه” عند مرور عزت متولي؟

لقد أصبحت قاعات المحاضرات في معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران أشبه بمراكز تدريب عسكري، حيث يتعلم المحاضر كيف يُنفذ أولًا، ثم يُفكر لاحقًا، وربما لا يُفكر على الإطلاق فالمعادلة التربوية الجديدة واضحة كالشمس:
قدِّم التحية، ثم فكّر.
نفّذ الأمر، ثم ناقش.
اثبت ولائك. 

أما من يصرّ على الفصل بين الأكاديمي والسياسي، أو من يتحدث عن استقلال الجامعة، أو من يتجرأ
على تجاهل وجود اللواء في الممر، فليتحمّل العواقب: فصل نهائي بلا إنذار لأن الانبطاح لم يعد مجرد سلوك شخصي، بل منهج تدريسي إجباري.

التعليم الانبطاحي لا يهدف إلى المعرفة، بل إلى السيطرة، لا يسعى لإنتاج العقول، بل لإنتاج الأوامر والطالب المتفوق ليس من يحل المعادلات المعقدة، بل من يقف منتصبًا عند سماع اسم عزت متولي.

الإعلام في وضع انتباه

ولأن ما يحدث لا يكتمل إلا بالتغطية الإعلامية الكاملة، فقد انهالت التحليلات الوطنية من الإعلاميين المخلصين والبداية من الإعلامي صاحب الحنجرة المميزة أحمد موسى الذي قال: “اللي ما بيحيّيش اللواء، ما بيحيّيش الوطن اللي مش عايز يقف للواء انتباه، يقف في طابور البطالة أحسن واحنا مش خسرانين حاجة”

أما نشأت الديهي فقال: نحن أمام مؤامرة أكاديمية مدعومة من الخارج، هدفها إسقاط رمز من رموز الدولة، اسمه عزت متولي.”

ولا تكتمل ردود الأفعال إلا بكلمات البوق الإعلامي لؤي الخطير الذي قال: “أنا درست برا، ما شفتش احترام للعلم زي ما شفته في مصر.. عندنا اللواء رئيس أكاديمية، برا بيعملوا له تمثال، هنا بنقوله يا فندم بس؟! عيب.”

أما الإعلامي السعودي عمرو أديب فقال: ماحدش قال للمهندس او الموظف يبوس إيد اللواء وإن كانت دي مش إهانه عندنا بنبوس إيد الملك، دي تحية حب، تحية وطن.. ولو هو شايف إن التحية العسكرية بتقلل منه، يبقى يراجع وطنيته مش شهاداته.”

الإعلام المصري أثبت مجددًا أنه صوت الدولة، لا صوت العقل، وأنه الأقدر على تحويل أي واقعة فصل تعسفي إلى انتصار وطني.