السجن في زمن السيسي: 6 مميزات تخلّي الحبس تجربة لا تُنسى!

في العصور القديمة، كان السجن في مصر رمزًا للقهر والحرمان، مكانًا تتمنى ألا تدخله حتى في الكوابيس، أما في عصرنا الذهبي الحالي و في ظل قيادة الزعيم عبدالفتاح السيسي، فقد تغيرت المعايير، وصار السجن على الأقل مقارنة بالحياة في الخارج أقرب إلى مصحة علاجية من ضغوط الاقتصاد والسياسة والإعلام وحاجات كتير فوووووق بعض.
فخارج الأسوار، المواطن يواجه التضخم، وسعر الدولار مرتفع للغاية مقابل الجنيه، وفاتورة الكهرباء أغلى من حياتنا، وصوت أحمد موسى في الودان صعب أووي والله، أما داخل الأسوار، فهناك عزلة محمية جدول يومي ثابت، وجلسات مجانية لمشاهدة نجوم التيك توك عن قرب، وأهم من كل ذلك راحة نفسية من متابعة النشرات الاقتصادية.
والحقيقة أن هذه المقارنة لم تعد مجرد مبالغة ساخرة، بل أصبحت واقعًا يعيشه من جرب الحياتين: الحياة الحرة في شوارع الجمهورية الجديدة، والحياة “المقيدة” خلف جدران السجن.
كثيرون ممن ذاقوا التجربتين يخرجون بانطباع صادم: أن الحرية، وإن كانت قيمة إنسانية كبرى، لم تعد بالضرورة مرادفًا للراحة أو الأمان النفسي.
في الخارج، أنت تحت رحمة “عناوين عاجلة” لا تهدأ، أسعار تتغير بشكل جنوني، ووجوه إعلامية تلاحقك في كل شاشة حتى داخل إعلانات مترو الأنفاق، أما داخل أسوار السجن فهناك نوع آخر من الصمت، ليس الصمت الكئيب الذي يرتبط في الأفلام بالأبواب الحديدية، بل صمت يريح الأذن من ضجيج التحليلات السياسية الفارغة، ويمنح عقلك فرصة لإعادة ترتيب أفكاره، هناك حد فاصل واضح بين يومك واليوم التالي، جدول لا يتغير، ولا أحد يطلب منك أن “تكون إيجابي” أو أن “تتحمل الظروف” من أجل الوطن.
في هذا المقال، سنعرض 6 فوائد قد تجعلك تفكر أن السجن ليس عقوبة بقدر ما هو استثمار في صحتك النفسية، إذا قارنته بالعيش في “الجمهورية الجديدة” خارج الأسوار، وسنحاول النظر إلى هذه الفوائد بعين موضوعية، تمامًا كما يفعل الأستاذ أحمد موسى و هو يستضيف الكامل كامل الوزير ولكن مع فارق صغير: أننا سنقول الحقيقة.

1- مش هتشوف التضخم والأسعار اللي بتغلى
في الخارج، المواطن المصري يعيش في حالة ترقب دائم: كل يوم يسأل نفسه “الطماطم بكام النهارده؟”، و”البنزين هيغلى إمتى؟”، و”العيش لسه بخمسة ولا بقى بسبعة؟”، هذه الأسئلة وحدها كفيلة بإصابتك بضغط دم مزمن.
أما داخل السجن، فأنت معفي من الرحلة اليومية إلى جحيم الأسواق، مفيش سوبرماركت، مفيش تاجر نصاب يشتغلك، ومفيش إعلان رسمي عن “تحريك طفيف” في أسعار الكهرباء، أنت ببساطة تتعامل مع نفس الوجبة ونفس الكمية كل يوم، والزيادة الوحيدة التي قد تلاحظها هي زيادة عدد الزوار في العنبر، مش الأسعار.
بل ويمكنك التباهي أمام نفسك: “الناس بره الأسعار بتاكلهم، وأنا هنا الأسعار مش فارقة معايا”، في زمن التضخم، هذه رفاهية لا يملكها إلا القلة.. والقلة هنا تعني “المساجين”.
وفوق ذلك، أنت في السجن لا تحتاج إلى متابعة بيانات البنك المركزي ولا مؤتمرات وزير المالية، ولا تشغل بالك بسعر الفائدة أو مؤشر البورصة، الأسعار في الخارج تتغير أكثر من وعود الحكومة، بينما الأسعار في الداخل ثابتة ، كل ما عليك فعله هو أن تستيقظ صباحًا، تتناول وجبتك، وتنام وأنت مطمئن أن رغيفك غدًا سيكون بنفس الحجم ونفس الطعم، حتى لو كان طعمه لا يُطاق.
باختصار، إذا كان الخارج هو مدرسة التضخم المفتوحة التي لا تخرّج منها إلا فقيرًا أو مديونًا، فإن السجن هو منطقة منزوعة التضخم، حيث الزمن يتوقف، والأسعار تتجمد، وحياتك الاقتصادية تظل كما هي.. صفر.
2 – في السجن أكل و مرعى وقلة صنعة
في الخارج، حياتك كلها ضغط ومشاكل: فاتورة الكهرباء بتجيلك ترعبك، والمدير والزملاء عاملين حفلة ضغط يومية ما بتخلصش، حتى لما تحاول تاكل، بتكون فاكر نفسك في مباراة طهي بين مطاعم قريبة، بس في النهاية بتطلع خايف من الفاتورة أكتر من الجوع.
لكن في السجن؟ الدنيا بتختلف 180 درجة! هنا الأكل بيجيلك بنفسه منتظم زي ميعاد الصلاة، مش محتاج تطبخ ولا تغسل ولا تناقش أي حد عشان ينزل السعر، أكل “اشتراكي” كامل، حتى لو مش ملكة المطبخ، لكن على الأقل مش بتدفع مليم، ولا حد بيطمع في الجيب بتاعك.

أما “قلة الصنعة”؟ بقت ميزة مش عيب! مفيش ضغط تسليم ولا مراجعة أداء، مفيش تارجت شهري ولا اجتماعات “مملة” بتتكرر، الاسترخاء هنا مش رفاهية، دي سياسة رسمية.
وأحلى حاجة؟ الوقت الفاضي، تقدر تستغله في حاجات مفيدة، ممكن تتعلم تلعب طاولة، تغوص في رواية شيقة، أو حتى تفكر بعمق في الأسئلة الكونية اللي ملهاش إجابة زي مثلا هو ليه السيسي؟
3 – مش هتسمع صوت أحمد موسى
لو فكرت يومًا إن الراحة السمعية دي حاجة بسيطة، جرب تقضي ساعة واحدة من يومك مع صوت أحمد موسى وهو بيحكي آخر تحليلاته عن “المؤامرة الكونية” على قناة صدى البلد، جرب بس وقولي هتحس بإيه.
عزيزي المواطن عندي ليك مفاجآة.. أنت في السجن هتبقى في منطقة منزوعة السلاح السمعي، منطقة محمية تمامًا من تدفق موجات أحمد موسى الصوتية، الحقيقة إن الراحة دي حاجة كبيرة أوي ممكن متحسش بيها وأنت حر طليق في شوارع الجمهورية الجديدة ، ولكن بمجرد ما تدخل السجن هتعرف ان الدولة عملالك خدمة مجانية بتخليك تحس إنك في منطقة حرة من الإزعاج الإعلامي؟
ولو كان الاشتياق لصوت أحمد موسى شديد، متقلقش! دايمًا في واحد من المساجين هيكون له موهبة في التعريض، وده بيوفرلك جرعة يومية من الأحمد موسى.
4 – هتشوف نجوم التيك توك وجها لوجه
في الخارج، متابعة نجوم التيك توك بقت معركة حقيقية، لازم تفتح الموبايل، تستهلك باقة الإنترنت، غير كده، كله فلتر ومؤثرات صوتية وحركات محسوبة عشان تبان جامد.
أما في السجن، الدنيا مختلفة خالص، هنا نجوم التيك توك مش محتاجين موبايل ولا إنترنت عشان يشوفك وتشوفهم وتقعد معاهم، هم جايين عندك على طول! شاكر ومداهم، كروان المشاكل، و”أم سجدة” – كلهم جيرانك في العنبر، يعني هتعيش التجربة الحقيقية وهتقعدوا تكبسوا مع بعض للصباح الباكر.
السجن في الجمهورية الجديدة مش مجرد حبسة وكلبشات، ده استوديو مباشر أكنك قاعد في المونتاج وبتحضر ل أي فيلم من اللي بتحبهم ومتعلق بيهم، وجلسات حرة مع نجوم بيقدموا لك أحلى عروض كوميدية، ترفيهية وحتى تحديات من نوع خاص، مش هتلاقيها إلا عند شاكر ومداهم وكروان المشاكل وأم سجدة والصحبة الكريمة دي.

5- العلاج من إدمان السوشيال ميديا
في الخارج، الهاتف الذكي أصبح امتدادًا لليد، وتصفح السوشيال ميديا إدمان يومي، لكن في السجن، أنت تُفصل قسرًا عن هذا العالم الافتراضي، وهو ما يمنحك فرصة لإعادة ضبط دماغك.
لا إشعارات فجائية من فيسبوك، لا شائعات سياسية على واتساب، ولا فيديوهات قطط على إنستجرام. حياتك تعود إلى بساطتها: كلام مباشر مع بشر أمامك، بدل “الإيموجي” والتعليقات السخيفة.
وهنا يتحقق ما فشل فيه ملايين خارج الأسوار: التخلص من التعلق المرضي بالهاتف، واستعادة النوم الطبيعي، من دون الحاجة لتطبيقات “Digital Detox”
6 – مش هتشوف الرئيس السيسي وهو بيشكر دول الخليج كل أسبوع
في الخارج، مشهد الرئيس السيسي و هو بيشكر دول الخليج بقا مشهد أسبوعي ما بنملش منه: كل أسبوع نفس الحكاية، الرئيس السيسي واقف في مؤتمر اقتصادي أو في أي مكان وماسك الحديدة وبيشكر “أشقاءنا في الخليج” على وقفتهم جنبنا وأنه لولاهم مكنش بقا في مصر، تعبيرات الوجه المبالغ فيها، الكلمات المنمقة، والابتسامة العريضة كلها حاجات جميلة تتمنى متشوفهاش تاني.
أما في السجن، فالراحة التامة! لا شاشات تلفزيون تشغل لك اللقطات دي، ولا تصريحات تكررها المذيعات كأنها أناشيد وطنية، بدلاً من ذلك، بتعيش وسط أحداث “محلية” مليانة حبكة درامية: مين اتخانق مع مين على الفوط الصحية؟ مين سرق ملعقة البلاستيك؟ ومين بيكتب شعر عن حريته المفقودة في العنبر؟ أبطال السجن دول أكثر إثارة وتشويق من أي خطاب للرئيس السيسي.
هنا مفيش ثناء على “دول الخليج”، ولا “لولاهم…”، بس فيه كلام جاد عن معارك على حصص الأكل، ومعارك على مكان النوم، وروايات يومية بتتكلم عن “المؤامرات” داخل العنبر، اللي بيخلّيك تنسى حتى آخر مؤتمر اقتصادي.