“طلعوا عين أبوه”.. بدر عبدالعاطي يُعلم العالم الدبلوماسية الجديدة

بدر عبدالعاطي

في الأيام الماضية، شهدت الساحة السياسية حدثًا استثنائيًا حين ظهر تسريب صوتي لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، وهو في اجتماع مع سفراء مصر في الخارج و من ضمن الحضور السفير المصري في هولندا، كان الحوار في ظاهره عتابًا بروتوكوليًا على مسألة إغلاق بعض السفارات المصرية، التي بدأ الحديث عنها من سفارة مصر في هولندا، لكن ما ميّز التسريب لم يكن موضوعه بقدر ما كانت كلماته التي جاءت بلهجة غير معتادة على أروقة الخارجية المصرية.

فوسط حديثه، أطلق بدر عبدالعاطي جملة ستدخل التاريخ الدبلوماسي المصري: “اللي يتمسك خدوه السفارة طلعوا عين أبوه واربطوه”، مؤكّدًا أنه وبصفته وزير الخارجية المصرية، المسؤول عن اتخاذ القرارات العنيفة دي – انتوا مش عارفين مين ده ولا إيه؟-.

هذه العبارة، بكل ما تحمله من روح الشارع المصري، فتحت بابًا واسعًا للنقاش حول أسلوب جديد في العمل الدبلوماسي، أسلوب يمزج بين أناقة البروتوكول وصرامة المواقف.

هذا التسريب لم يكن مجرد مكالمة عابرة، بل هو وثيقة تكشف ولادة مدرسة جديدة في الخارجية المصرية، يقودها بدر عبدالعاطي، مدرسة ترفض أن تكتفي بالابتسامات في المؤتمرات والكلمات المنمقة المرتبة وتصر على أن يكون لمصر حضور قوي، حتى لو كان هذا الحضور إيده تقيله شوية.

وفي هذا السياق، أصبح التسريب ليس مجرد خطأ بروتوكولي أو موقف شخصي، بل علامة فارقة على التغيرات الداخلية في أسلوب إدارة الوزارة، ما يطرح تساؤلات عديدة حول مستقبل السياسة الخارجية المصرية، وطبيعة القرارات التي ستُتخذ في المرحلة المقبلة، ومدى قدرة الوزارة على المزج بين الدبلوماسية والحنية ومابين اللي هيقرب هيطلع عين أبوه. 

وزير الخارجية اللي مش صايع حقه ضايع

منذ أن تولى بدر عبدالعاطي وزارة الخارجية المصرية، كان واضحًا أنه لا ينوي السير على خطى الأسلاف في الاكتفاء بالابتسامات الدبلوماسية والكلمات المنمقة، الوزير يعي جيدًا أن العالم اليوم لا يحترم إلا القوي، وأن العلاقات الدولية أشبه بحارة شعبية؛ الفتوه بس هو اللي بيعرف يحمي نفسه. 
واللي مش هيعرف يحمي نفسه هيبته هتروح. 

تسريب بدر عبدالعاطي كشف بوضوح أن الرجل يعتمد على فلسفة “البلطجة قبل البروتوكول”، فبدلًا من الانشغال بتجميل المواقف بالكلمات، يركز على ضمان أن الخارجية المصرية تعرف كيف تأخذ حقها في لحظته، في هذه المدرسة التي ينتهجها وزير الخارجية بدر عبدالعاطي يكون الحساب بعدد ” البُنيات” التي تسددها لأي معارض ممكن أن تراه أمام في أي سفارة من سفارات الجمهورية الجديدة في الخارج.

وربما هذا ما يميز بدر عبدالعاطي عن غيره من وزراء الخارجية المصرية في العقود الأخيرة، هو لا يرى السياسة الخارجية كلوحات زيتية جميلة تُعلق على جدران المكاتب، بل كملعب مفتوح يحتاج إلى ذكاء ومرونة، وأحيانًا، إلى قليل من الخشونة.

“طلعوا عين أبوه”.. بدر عبدالعاطي يُعلم العالم. 

حين نطق بدر عبدالعاطي بعبارة “طلعوا عين أبوه”، لم يكن يقصد، على الأرجح، أن يبتكر مصطلحًا دبلوماسيًا جديدًا، أو أن يدخل التاريخ الرسمي للسياسة الخارجية المصرية بجملة تُدرَّس في الأكاديميات الدولية، لكن ما حدث كان عكس ذلك تمامًا، إذ تحولت هذه الكلمات على الفور إلى محور نقاش بين الصحفيين والمحللين، وحتى بعض الدبلوماسيين الأجانب الذين وجدوا أنفسهم في موقف محرج أمام هذه المفاجأة اللغوية، محاولين فهم المعنى والبحث عن أي سياق يمكن أن يشرح طبيعة هذا “التجديد الدبلوماسي”.

بالنسبة للمصري العادي، المعنى واضح وبسيط، فهو يعكس اللهجة الشعبية الصريحة، القدرة على التعبير عن الغضب بطريقة مباشرة، والإصرار على أن تُنفَّذ القرارات مهما كانت صعبة أو غير تقليدية، لكن بالنسبة لمترجمي المؤتمرات الدولية، كانت هناك لحظة صمت طويلة بعد الجملة، حيث حاولوا عبثًا العثور على صياغة مناسبة بالعربية الرسمية أو الإنجليزية، قبل أن يتوصلوا إلى صياغة: Eye Extraction Protocol وكأن هذه السياسة أصبحت الآن موثقة في ملفات الأمن القومي، قابلة للدراسة والمناقشة على مستوى عالمي.

المثير للاهتمام أن بعض المدارس السياسية الغربية بدأت بالفعل مناقشة إمكانية إدخال هذه العبارة في مناهج العلاقات الدولية كنموذج على “الضغط غير التقليدي”، بينما انعكس الأمر على الدبلوماسيين الغربيين بشيء من الدهشة والارتباك، فتسائلوا عن مدى قدرة دولة على الجمع بين الرسمية والبساطة الشعبية في نفس الوقت.

بدر عبدالعاطي، بهذه العبارة غير المقصودة، استطاع أن يضع بصمته على قاموس الخارجية المصرية، مضيفًا إليها نكهة مصرية خالصة، تجعل من يسمعها يفهم سريعًا ما يمكن أن يعيشه إذا أزعج سيادة الوزير. 

هل لسرقة السجاجيد دور في عصبية الوزير؟ 

لا يمكن الحديث عن شخصية وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي دون الإشارة إلى حادثة غريبة نسبتها وسائل إعلام ألمانية خلال فترة عمله في ألمانيا، حين طالت اتهامات بأنه “حرامي سجاجيد”، في مشهد أثار دهشة المصريين !

ليه تسرق السجاجيد في ألمانيا لما ممكن تيجي تبرطع في مصر براحتك هو حد كان قالك لا؟
ده كان رد فعل مواطن مصري وقتها لما سمع عن حادثة وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي

بعض المحللين بدأوا يتحدثون عن احتمالية أن تكون تجربة “سرقة السجاجيد” قد صقلت شخصية الوزير، وجعلته أكثر حزمًا، وربما أكثر استعدادًا لاستخدام جمل مثل “طلعوا عين أبوه” في المكالمات الرسمية.

في النهاية، يظل السؤال قائمًا: هل عصبية الوزير مرتبطة فعليًا بتجربة ألمانية غريبة أم أنها ببساطة جزء من شخصيته وطموحه في إعادة تعريف دور الخارجية المصرية؟ 

الخارجية المصرية.. صوتها مسموع وإيدها تقيلة


إذا كان هذا التسريب قد كشف شيئًا، فهو أن الخارجية المصرية لم تعد كما كانت في الماضي، مع بدر عبدالعاطي صارت الخارجية المصرية تملك صوتًا مسموعًا، ويدًا ثقيلة عند الحاجة – والبلكجية كتير مش هنغلب يعني – 

لقد أعاد بدر عبدالعاطي تعريف صورة الدبلوماسي المصري، لم يعد مجرد رجل يرتدي بدلة أنيقة ويحفظ نصوص البروتوكولات عن ظهر قلب، بل أصبح قائدًا ميدانيًا يعرف متى يتحدث لغة السياسة ومتى يستخدم مفردات الشارع.

هذا المزج بين الرسمي والشعبي، بين المصافحة والربط، بين “معاليك” و”طلعوا عين أبوه”، هو ما قد يجعل مدرسة بدر عبدالعاطي نموذجًا فريدًا في العالم، في المستقبل، قد تجد دولًا أخرى تحاول تقليد الخارجية المصرية في هذا المزج، لكنها ستظل تفتقد الروح التي جعلت من هذا الوزير حالة خاصة.