كامل الوزير يخرج عن صمته ويقرر إنشاء أول متحف لحوادث القطارات في العالم

بعد أن تكررت الحوادث على السكك الحديدية حتى أصبحت جزءًا من الذاكرة اليومية للمصريين، كان لا بدّ من ابتكار وسيلة جديدة للتعامل مع “الواقع المؤلم”. كامل الوزير، الذي دأب على وصف كل حادث بأنه “غريب” أو “غير متوقع”، خرج هذه المرة بفكرة وُصفت بأنها غير مسبوقة: إنشاء متحف قومي مخصّص لحوادث القطارات.
الفكرة وُلدت مباشرة عقب حادث قطار الضبعة الأخير، حين وجد الوزير نفسه عاجزًا عن تفسير كيف ينقلب قطار جديد على سكة وصفها بأنها “زي الفل”. فجاء الحل السحري من كامل الوزير: إذا كان إصلاح القطارات مستحيلًا، فلنحوّل بقاياها إلى معروضات سياحية. بهذه الطريقة، تتحول المأساة إلى مشروع قومي يضاف إلى قائمة الإنجازات، ويُسوّق للعالم باعتباره الأول من نوعه، حيث لا تقتصر مصر على بناء الكباري العملاقة، بل تقدّم أيضًا “متحفًا حيًا” يخلّد لحظة الاصطدام.
أقسام مبهرة داخل المتحف
المتحف سيُبنى في العاصمة الإدارية، حيث المساحة كافية لتخزين عربات مدمرة وجرارات محترقة بلا نهاية. بحسب الخطة المبدئية، سيضم المتحف قاعة مخصصة لكل حادث بارز: قاعة الضبعة التي تعرض القطار الجديد المقلوب بكل تفاصيله، جناح الصعيد الذي يوثق الحوادث الكارثية من التسعينات، وممر كامل الوزير حيث تُعرض تصريحاته الشهيرة على شاشات ضخمة: “السكة سليمة”، “القطار حديث”، “الحادث غريب”، “والله ما همشي”.
لكن الأكثر إثارة سيكون القسم التفاعلي للأطفال: لعبة محاكاة تتيح للطفل قيادة قطار ينقلب في أقل من دقيقة، ليخرج وهو يضحك وقد تعلّم مبكرًا معنى “القدر المصري”. الزائر لن يكتفي بالمشاهدة، بل يمكنه شراء تذكار من متجر المتحف: ميدالية على شكل عجلة قطار، قميص عليه آثار زيت، أو صورة مطبوعة من داخل عربة محترقة، ليحتفظ بذكرى “لا تُنسى” من مصر
دعم القيادة والإعلام
الرئيس السيسي، كعادته، لم يُفوت الفرصة لالتقاط الفكرة، فأشاد بالمبادرة معتبرًا أن المتحف “سيضع مصر في مصاف الدول التي تحترم تاريخها”، وأنه سيثبت للعالم أن المصري لا يهرب من الحوادث، بل يحوّلها إلى مصدر دخل.
أما الإعلام الرسمي فالتقط الإشارة بسرعة، فبدأت البرامج المسائية تبث حلقات خاصة عن “عبقرية القيادة”، حيث اعتبر البوق الإعلامي لؤي الخطير أن المتحف “أذكى وسيلة لتحويل الدماء إلى دولارات”. آخرون وصفوا الفكرة بأنها “ثورة في عالم السياحة السوداء”، مشيرين إلى أن ملايين السياح حول العالم يبحثون عن تجارب استثنائية، ولن يجدوا أفضل من زيارة متحف يضم بقايا عربات تحولت إلى شواهد على “صمود المصري في مواجهة التحديات”.

مردود اقتصادي وسياحي
وزارة المالية سارعت لتبنّي المشروع بعد طرحه من كامل الوزير، مؤكدة أن المتحف سيُدرّ دخلًا يفوق قناة السويس في غضون سنوات قليلة. فكل حادث قطار جديد يعني إضافة قطعة نادرة إلى المعروضات، وبالتالي ارتفاع سعر التذكرة.
المسؤولون أوضحوا أن المتحف سيُسوّق عالميًا تحت شعار: “كل حادث فرصة استثمار”، وأنه سيكون أول مرفق سياحي يتجدد محتواه تلقائيًا دون أي تكلفة إضافية. شركات السياحة من جانبها بدأت بالفعل في تصميم برامج “سياحة الحوادث”، حيث يتم دمج زيارة المتحف مع جولة ميدانية إلى موقع آخر حادث لم يُرفع حطامه بعد.
أما المستثمرون فقد أبدوا حماسة استثنائية، حيث اقترح بعضهم إقامة مطاعم وكافيهات فوق أنقاض القطارات، ليحظى الزائر بوجبة ساخنة على أنغام سرينة الإسعاف.
دور المواطن الوطني الشريف
لكن الجدل لم يختفِ، إذ تساءل البعض في الداخل: “هل سيتحوّل المواطن نفسه يومًا ما إلى قطعة معروضة داخل المتحف؟”. فبعد أن عاش المصري سنوات كضحية لحوادث متكررة، هل يُطلب منه الآن أن يدفع ثمن التذكرة ليتفرج على بقايا الحوادث التي كان جزءًا منها؟
الرد الرسمي من كامل الوزير كان حاضرًا: “المتحف إنساني ووطني، يخلّد ذكرى الضحايا بشفافية، ويثبت أننا لا نتستر على الحوادث، بل نحتفل بها”. أما الوزير كامل الوزير نفسه فاختتم مؤتمره بابتسامة عريضة قائلاً: “كل انقلاب قطار هو خسارة، لكنه في الوقت نفسه مكسب للمعروضات ونحن لا نفرّط في أي فرصة استثمارية”.
وهكذا، تتحول السكك الحديدية من مجرد وسيلة نقل إلى “وسيلة دخل قومي”، كل حادث جديد يضيف جناحًا جديدًا، وكل دمعة تتحول إلى تذكرة دخول. المتحف القومي لحوادث القطارات لا يعد فقط مشروعًا سياحيًا، بل أيضًا وثيقة حيّة على فلسفة الدولة في إدارة الأزمات: إذا عجزنا عن إصلاح المشكلة، فعلينا أن نستثمرها ونستمتع بها. وكما قال كامل الوزير نفسه: “السكك المصرية ستظل مصدر فخر.. سواء وهي تنقل الركاب، أو وهي تزيّن جدران متحف الحوادث”.