خطة جديدة للسيسي.. نص جنيه يوميا من مصروف العيال كفيل بإنقاذ الاقتصاد وتحيا مصر!

نص جنيه

بينما كان أولياء الأمور يتوقعون حلولًا حقيقية لأزمات الدروس الخصوصية والمناهج الثقيلة والفصول المزدحمة، فوجئوا بقرار جديد قلب المعادلة: التلميذ لم يعد مجرد طالب، بل أصبح “ممول رسمي” لميزانية الدولة. نصف جنيه فقط من مصروفه اليومي، لكنه كفيل ـ حسب ما يقول السيد الرئيس السيسي ـ بفتح أبواب الرزق والخير على مصر كلها.

المثير أن القرار صدر بعبارات شديدة الحماسة، إذ اعتبره المسؤولون “أول تجربة تعليمية اقتصادية في العالم”، حيث يتعلم الطفل منذ صغره أن الوطن أهم من الكيكة، وأن صندوق تحيا مصر أهم من الكانتين.

المدهش أيضا أن القرار جاء في توقيت “عودة المدارس”، ليجعل كل طفل يستقبل عامه الدراسي بابتسامة ممزوجة بالدهشة: “هو أنا جاي أذاكر ولا أموّل الصندوق؟”.

الحكومة لم تكتفِ بإعلان الفكرة، بل جلست بالأرقام والآلات الحاسبة لتثبت عبقريتها. قال الرئيس السيسي: “لو عندنا 25 مليون طالب وكل واحد دفع نص جنيه يوميًا، ده معناه 12.5 مليون جنيه كل يوم!”. الأرقام بدت مذهلة، دا كدا في الأسبوع 62.5 مليون جنيه، وفي الشهر 250 مليون، يعني العام الدراسي 2.5 مليار والحسابة بتحسب!.

وهكذا، بينما يحاول الطفل أن يفهم كيف 2+2=4، الحكومة تشرح له أن 0.5×25 مليون=صاروخ اقتصادي.

الفسحة.. عقوبة وطنية

لم يتوقف القرار عند الخصم الإجباري، بل وضع أيضًا عقوبات صارمة. الطالب اللي مش هيدفع نص الجنيه هيُحرم من الفسحة، وهيتعامل معاملة “المخرّب”. مدير مدرسة في القاهرة قال: “هندشن لوحة شرف للتلاميذ الملتزمين بالدفع، ولوحة سوداء للخونة اللي رفضوا يساهموا”.

 الأغرب أن بعض المدارس فكرت في تخصيص “طابور إذلال” للطالب الممتنع، حيث يقف وحده في الساحة بينما يردد زملاؤه نشيد “تحيا مصر” وهو ينظر بحسرة إلى الكانتين.

وفي تصريح آخر، أوضح وكيل وزارة التعليم أن الهدف “ليس العقاب بحد ذاته، بل غرس قيمة المشاركة الوطنية”. بمعنى آخر: الطالب الذي لا يدفع لا يحق له أن يضحك، أو يلعب، أو حتى يتنفس بحرية داخل الفصل.

النص جنيه صغير بس يحير!

الإعلام المحلي التقط الفكرة بسرعة، وبدأ حملة ترويجية وصفها بعض المراقبين بأنها أقوى من الدعاية لقناة السويس الجديدة. أحد المذيعين قال: “نص جنيه صغير بس يحير”. مذيعة أخرى قالت: “أطفال اليابان بيشيلوا شنط.. وأطفال مصر بيشيلوا بلد بحالها في جيبهم”.

برامج التوك شو لم تتوقف عن استضافة خبراء استراتيجيين لتفسير القرار، حتى أن أحدهم قال: “نصف جنيه من كل طالب يعادل سلاح ردع استراتيجي، لأن العدو سيعلم أن وراءنا جيشًا من الأطفال الممولين”.

ولم يخلُ الأمر من الفذلكة المعتادة؛ إذ خرجت صحيفة قومية بعنوان ضخم: “السيسي يحول الفسحة إلى مشروع قومي”.

أما رد فعل أولياء الأمور فكان متباينًا. بعضهم لم يجد سوى الضحك، والبعض الآخر صمت صمت المقهور. أب لأربعة طلاب قال: “أنا بدفع آلاف في الدروس، ولسه الحكومة عايزة تاخد نص جنيه من كل واحد.. طب خلاص هاطلع على معاش من جيوب عيالي”.

أم أخرى علّقت بمرارة: “ابني أصلاً بيأخد نص جنيه مصروف.. كدا هيروح كله للصندوق. طب ولما يعيط؟ صندوق تحيا مصر هيسكته؟”.

لكن مع الوقت، بدأ كثيرون يتقبلون الفكرة باعتبارها “قدر لا مفر منه”. ففي النهاية، من يجرؤ على الوقوف ضد “تحيا مصر” وهو مكتوب بالخط العريض على كل شاشة، ولا انت بقى من أهل الشر أعداء الوطن الإخوان!!

نفسي أشتري حاجة من الكانتين!

في الفصل، لم يعد الطالب يفكر في جدول الضرب بقدر ما يفكر في “نصف الجنيه”. تلميذ صغير كتب في كراسة التعبير: “أحب وطني جدًا.. بس نفسي أشتري حاجة من الكانتين”. آخر همس لزميله: “هو ممكن الصندوق يديلي بسكوتة بدل النص جنيه؟”.

حتى حصص الرياضة تحولت إلى مشاهد درامية؛ إذ يركض الأطفال بحماس لكن عيونهم على الكانتين المغلق أمام من لم يدفع. بعض المدرسين علقوا ببرود: “اللي مش بيدفع نص جنيه مش هيعرف قيمة التربية الوطنية”، وهكذا أصبح الوطن بالنسبة للطفل مرادفًا للبسكوتة الضائعة والفسحة المحرّمة.

في نهاية المطاف، لا يمكن إنكار أن القرار يعكس عبقرية من نوع خاص: تحويل أبسط تفاصيل الحياة اليومية إلى مورد اقتصادي. الفسحة لم تعد فسحة، بل مشروع قومي؛ البسكوتة لم تعد بسكوتة، بل ورقة سند وطني؛ والطالب لم يعد مجرد طفل، بل “ممول سيادي مصغّر”.

وبينما تحلق الطائرات في السماء وتُبنى الكباري على الأرض، يظل الطفل المصري يتساءل في براءته: “هو أنا جاي المدرسة أتعلم ولا أموّل ميتين أم البلد؟”. الإجابة واضحة: في زمن السيسي الاثنين معًا يا حيلتها.