رؤية السيسي العبقرية في تقليب الجيوب المصرية

السيسي

في لحظة فارقة من تاريخ الدولة المصرية، لحظة لا تقل أهمية عن افتتاح قناة السويس، أو بناء عاصمة، وقف الدكتور أحمد كجوك، وزير المالية، ليزف إلى المصريين بشرى تُثلج الصدور وتُربك الجيوب:

هذا الرقم ليس مجرد إشارة محاسبية تُكتب في دفاتر الوزارة، بل هو شهادة ميلاد جديدة لمواطن لا يكتفي بدفع الضريبة، بل يدفعها بكل ما فيه من مشاعر وطنية جياشة.
هو رقم يقول: “نحن هنا، واقفون، ندفع ونبتسم، نتنازل عن الكماليات وربما الضروريات، لنُبقي شرايين الدولة مفتوحة وموازنتها منتعشة”.

وزير المالية أحمد كجوك

وفي زمن تتراجع فيه الإيرادات حول العالم، وتكافح فيه الحكومات لضبط العجز، استطاعت مصر – بفضل القيادة الرشيدة للرئيس عبدالفتاح السيسي، والإجراءات الحازمة، أن تنتزع هذا الرقم من فم الأزمة الاقتصادية، وتُعلقه وسامًا على صدر الشعب الممول.

إننا لا نتحدث هنا عن مجرد تحصيل مالي، بل عن ملحمة وطنية، بطولة جماعية شارك فيها التاجر والمُدرّس والموظف، وكل من تنفّس على أرض المحروسة.
2 تريليون جنيه؟
هذا ليس رقمًا، هذا حُب مجسم.
هذه ليست ضريبة، هذه قصيدة طويلة عنوانها: من جيبي لبلدي.

درع الـ 2 تريليون

حين تتحدث عن 2 تريليون جنيه ضرائب، فأنت لا تتحدث عن مجرد رقم في الميزانية، بل عن صرح معنوي ضخم، يستحق أن يُخلَّد بنُصُب تذكاري، يليق بحجم التضحية، وعمق الجيوب التي قُلبت.
ومن هنا، اقترحت وزارة المالية – في مبادرة غير مسبوقة – تدشين “درع الـ2 تريليون جنيه”، ليكون عمل فني وطني فخم، يُوضع في قلب العاصمة، يرمز لعرق المواطن، وصبره، وحبه اللامحدود للوطن

الدرع، وفقًا للمقترحات الأولية، سيكون بارتفاع 12 مترًا، مصنوعًا من النحاس المموه بلون “العافية”، ومطليًا بطلاء ذهبي يعكس أشعة الشمس، حتى يتذكر كل من يمر بجواره، أن هذه التريليونات لم تأتِ من فراغ، بل من بطون مجوّعة وأحلام مؤجلة وموبايلات مكسورة لم تُستبدل.

وسيكون الدرع مزوّدًا بجهاز قارئ كروت، بحيث يتمكن المواطن من التبرع الفوري أثناء التصوير أمامه، دعمًا لاستمرارية الحصاد الضريبي.

وهناك نقاش داخل أروقة الحكومة حول فكرة رائعة: كل مواطن يقترب من الدرع تشتغل له موسيقى وطنية تلقائيًا – مع جملة تحفيزية مثل: “ادفع علشان تعيش!”.

أحد مسؤولي الوزارة صرّح:
“إحنا مش عايزين الدرع يبقى بس حاجة منظر، إحنا عايزينه يبقى تجربة شعورية متكاملة، المواطن يحس إنه شايل معانا، وإن الرقم ده طالع من قلبه قبل جيبه.”

السيسي: ملحمة في حب الضرائب

في كلمة مؤثرة خلال تفقده مشروعات قومية جديدة في محيط محور المشير، أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسي بما وصفه بـ”الملحمة الوطنية في حب العطاء”، مؤكدًا أن ما تحقق على صعيد الحصيلة الضريبية لا يقل أهمية عن قناة السويس الجديدة أو العاصمة الإدارية، بل هو – حسب تعبيره – “العبور التاني”

وتابع الرئيس: “أنا بشوف كل جنيه اتدفع، وكل فاتورة طلعت، وكل مواطن قال حاضر وهو بيتسحب منه المبلغ.. دي بطولة، دي ملحمة، المواطن المصري أثبت إنه مش بس بيشتغل، ده كمان عارف إزاي يدي، ويدي كتير، من غير ما يسأل.”

وأضاف الرئيس أن الدولة لم تكن لتصل إلى هذا الرقم “التاريخي” لولا وعي الناس، وشعورهم العميق بالمسؤولية، و”إيمانهم إن اللي بيدفعه النهارده، هو اللي بيبني بيه مستقبل ولاده، ولو حتى مشافهوش بعنيه”.

وأكد السيسي أن الحكومة ستعمل على تكريم المواطن الممول، من خلال منظومة شكر معنوي جديدة، تتضمن إرسال رسائل نصية مكتوب فيها: “شكراً، تم خصم ضريبتك بنجاح. مصر ممتنة ليك.”

دي مش ضرائب.. دي مزيكا!

الإعلام المصري لم يقف صامتًا أمام هذا الإنجاز الوطني الباهر بل خرج بكامل تشكيلته الهجومي والدفاعي، يوزع عبارات الفخر ويعزف لحن التفاؤل. عمرو أديب، كعادته، قرر يختصر المشهد كله بجملة واحدة قالها وهو بيهز رأسه من فرط الانبهار: “2 تريليون؟! دا مش تحصيل، دا حب! دا المواطن بيقول للدولة: خدي فلوسي واعملي اللي تشوفيه، أنا راضي، ومبسوط ومستعد أدفع كمان وكمان”.

أما لميس الحديدي فكان عندها نظرة فلسفية أعمق كعادتها وقعدت توضح للمشاهدين إن “المهم مش المواطن بيصرف كام، المهم الدولة بتحوش كام، إحنا بنبني بلد واللي الدولة بتاخده النهاردة هتدهوله شكل تاني بعدين بشكل كوبري أو مؤتمر أو حتى مسلسل عن الإنجازات، ثق في بلدك واستمتع بخصم راتبك”.

وفي لحظة وطنية مهيبة، خرج واحد من ضيوف برنامج “على مسؤوليتي” باقتراح مبتكر وقال بمنتهى الجدية: “ليه ما نخصصش فقرة يومية في الإذاعة المدرسية اسمها (ضريبتك اليومية) يقوم فيها الطالب يعلن قدام زمايله عن آخر مبلغ تم خصمه من والده… ويقول مثلا: (بابا اتخصم منه 725 جنيه النهاردة عشان نحافظ على استقرار الاقتصاد الوطني)”.

هكذا، وفي عصر الجمهورية الجديدة أصبح التحصيل الضريبي ليس مجرد إجراء مالي بل “مقطوعة وطنية”، نغمة يومية، سيمفونية مدروسة، بين الدولة التي تجمع والمواطن الذي يدفع، وقانون ينفذ وإعلام يرقص على اللحن” في رسالة واحدة واضحة: “دي مش ضرائب دي مزيكا، واللي مش سامع… يبقى خاين وإخوان وعميل”.