إيجار قديم على نفسك بره يا كلب! 

ايجار قديم

في خطوة طال انتظارها، وفي لحظة تاريخية استرد فيها القانون هيبته، والدولة كرامتها، والمالك شقته، أعلنت الحكومة المصرية أن قانون الإيجار القديم بصيغته العتيقة لن يستمر، وأننا مقبلون على “تصحيح مسار” في واحدة من أقدم القضايا العقارية في تاريخ الجمهورية الجديدة.

وأخيرًا قررت الدولة أن تواجه الحقيقة وتنظر للملف بعين الحسم، وليس بعين المجاملة، لأنه و من غير المقبول أن يستمر مواطن في شقة في الزمالك بـ25 جنيه في الشهر، وفي نفس الوقت يوجود مواطن آخر بيدفع 12 ألف جنيه في أكتوبر، لازم تسأل نفسك: هي دي العدالة الاجتماعية اللي كنا بنحلم بيها؟

جلسة مناقشة القرار في البرلمان المصري

مش بس كده.. القرار ده مش جاي ضد المواطن، بل العكس تمامًا، ده علشانه هو شخصيًا. المواطن اللي اتحمّل كتير، وضغط أكتر، ومرّن ضهره على كل أشكال الإصلاح، جاي النهاردة يتكرّم بـ”قانون محترم”، يخرّجه من حالة السُبات العقاري اللي عاش فيها، ويخليه يقف على رجله، يدفع إيجار بعرق جبينه، ويشارك بقوة في بناء الجمهورية الجديدة من غير شقق بـ7 جنيه ونص!

الموضوع مش بس أسعار، دي مسألة كرامة وطنية، الدولة قالت كفاية كده، لا عدالة اجتماعية بتتحقق، ولا استثمار بيتحرك، ولا شباب بيلاقي سكن، قانون الإيجار القديم كان عامل زي الكراكيب اللي سايبينها في البلكونة ومش عايزين نرميها، لكن النهارده، الجمهورية الجديدة بتعمل “تنظيف شامل” والبداية من الشقق القديمة.

والسؤال اللي بنطرحه هنا بوضوح، وبكل جدية:
هل يليق بمواطن الجمهورية الجديدة إن يعيش في شقة إيجارها أقل من كيلو لحمة، أو نفس سعر علبة سجاير و مش مستوردة كمان؟ 

الإيجار القديم: عدالة تاريخية مؤجلة

منذ عقود طويلة، وتحديدًا من أول ما ظهرت فكرة إن “الساكن يبقى مالك”، والدولة قاعدة تتفرج على عقد اجتماعي مائل، وإيجار شهري مش متناسب لا مع الزمن ولا مع الزلزال، سنين طويلة عشناها تحت رحمة قوانين ما بعد الحرب العالمية، كأننا لسه بنستورد العدالة من التلاتينات، ومع ذلك… محدّش اتحرك.

لكن الحكومة وبتوجيهات مباشرة من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي أخيرًا قررت تراجع نفسها، وتقول بصوت عالي: “اللي ساكن ببلاش ده، فيه ظلم لحد تاني مش لاقي يسكن!”

العدالة الحقيقية مش إن واحد قاعد في شقة بـ9 جنيه، وبيورّثها لابنه، وحفيده، وصاحبه  ومالِك الشقة واقف قدامها بيده ورقة الملكية مش عارف يدخل! ، العدالة مش إنك تحتفظ بعقار في موقع ذهبي، وتتحول فيه من “مالك” إلى “مشاهد”، العدالة إن اللي يملك ياخد حقه، واللي يأجر يدفع اللي يستاهله، زي ما بيحصل في أي دولة عندها نظام مش مسايرة المجاملة الاجتماعية.

القانون الجديد بييجي مش بس علشان يصحّح وضع قانوني، لكن علشان يداوي نفسية مشروخة عند شريحة كبيرة من الناس. فيه آلاف الملاك عاشوا وماتوا وهم مش قادرين يصلحوا باب شقة، ولا يغيّروا ماسورة صرف، ولا يقدروا يرفعوا قضية على ساكن بقاله 60 سنة بيأجّر الشقة من الباطن، وبياخد أكتر من اللي بيدفعه!

وفي تصريح مهم لأحد كبار مسؤولي وزارة العدل، قال:
“القانون ده مش ضد الساكن، القانون ده مع الحق، إحنا مش جايين نرمي الناس في الشارع، لكن كمان مش هنسيب المالك مكسور الجناح طول عمره، احنا بنربي الناس على الأخلاق و هي دي العدالة اللي دايما بيسعى ليها الرئيس السيسي.”

مافيش ساكن أبدي… حتى الجنة مش مضمونة!

فيه مقولة كده متداولة عند الناس: “الجار قبل الدار” بس اللي حصل في قوانين الإيجار القديمة إن الجار بقى قبل المالك، وأقوى من المالك، وأبقى من المالك!
بقى عندنا نوع جديد من “الاستيطان المحلي”، فيه ساكن بيقعد في شقة مش بتاعته، كأنه شاريها بالنوايا الحسنة، أو موكّل من العناية الإلهية بإدارتها مدى الحياة  والحياة الأبدية كمان طب إزاي؟

 يعني هو ساكن فيها وداخل الجنة كده؟ طيب حتى الجنة مش مضمونة عايز انت بقا يا مواطن يا غلبان أنت تضمن شقتك مدى الحياة! 

الإيجار القديم خلّى “مفهوم السكن” في مصر يتحوّل من “حق مؤقت” إلى “وراثة دائمة”.
أصل ساكن الإيجار القديم ما بيخرجش هو بيورِّث، ولو حاولت تطلّعه، يبقى الرئيس السيسي هو اللي ظالم و هو اللي بيفتري! 

هتيجي تقولي طب مالحكومة والرئيس قبل مايطلع الناس من بيوتهم يشوفلهم بديل؟
وهنا بيجي الرد من السيد وزير الإسكان اللي قال:
” الحكومة بتحاول تعمل اللي عليها في أزمة الإيجارالقديم بس كمان لو معرفناش نتصرف فالمواطن المفروض يتصرف هو أصلها مش أول مشكلة يعني!.”

الحكومة: المصري جامد ياما شال معانا

الدولة شايفة إن المواطن المصري اتعود على الصبر وشال كتير.

  • زادت عليه الضرايب قال حاضر.
  • اترفع عنه الدعم وقال زي بعضه. 
  • زاد عليه البنزين والكهرباء والمياه والتعليم والعلاج وقال عشان مصر
     يبقى هيجي عند قانون الإيجار القديم ويقول لأ؟

الحكومة – من غير ما تقولها صراحة – بتراهن على متانة أعصاب المواطن المصري، على قدرته العجيبة على التكيّف، على مهاراته الخارقة في لَيّ المرتب، وإعادة توزيع الألم.

و ده اللي قاله الإعلامي أحمد موسى في برنامجه على قناة صدى البلد:
“المصري متعود على التحديات، وده مش أول اختبار ليه، إحنا واثقين إنه هيعدي ده كمان.”

وكمان الناشط لؤي الخطير قال:
“اللي استحمل الكورونا، والحرب الروسية، وتعويم الجنيه، يقدر يستحمل تحرير الإيجارات، وبعدين ده في مصلحة المواطن عشان يعتمد على نفسه.”

مسؤول بوزارة الإسكان قالنا في تصريحات خاصة.
“المواطن المصري مش محتاج الشقة الرخيصة، محتاج عدالة اجتماعية في توزيع الموارد، ومش شرط يفضل ساكن في شقة مش بتاعته.”

يعني بالعربي كده الحكومة بتقول للمصريين .. “كفوا نفسكم

هو مش قالك مفيش ببلاش خلاص؟

من أول لحظة في الجمهورية الجديدة، الدولة ما حاولتش تضحك على حد، من أول خطاب، من أول مشروع، الرسالة كانت واضحة:
“مافيش حاجة ببلاش خلاص”

كلمة قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي بنفسه وحسم بيها الجدل وحط حط للعشوائية اللي كانت بتدار بيها مصر. 

الساكن القديم، اللي بقاله 40 سنة قاعد في بيته كان لازم يفهم من اللحظة الأولى إنه مش مطول وفكرة إنه مفهمش الرسالة من اللحظة الأول !
دي هتبقى مشكلته مش مشكلة فخامة رئيس الجمهورية الجديدة!