حريق سنترال رمسيس.. 5 تفسيرات محتملة، الإهمال ليس من بينها والله العظيم

في ظل تصاعد الدخان واللهب من قلب العاصمة، ومع تداول صور ومقاطع فيديو تُظهر النيران تلتهم مبنى سنترال رمسيس العريق، اتجهت أنظار الرأي العام إلى السؤال الأكثر بداهة: ماذا حدث؟ ورغم أن الإجابة السهلة والمعتادة قد تكون: “إهمال إداري، أو ماس كهربائي، أو صيانة ناقصة”، إلا أن مصادر مطلعة ومحللين متخصصين ومشايخ أجلّاء وشخصيات أمنية مخضرمة، جميعهم أجمعوا في تصريحات متفرقة أن الإهمال مستحيل يكون السبب والله العظيم.نحن أمام واقعة استثنائية، تستحق تفسيرات غير تقليدية، تليق بمستوى بلدنا العظيمة وتقدّمها التقني ورشاقتها البيروقراطية. وفي هذا السياق، ترصد “الجمهورية الجديدة” خمسة من أبرز التفسيرات المتداولة، وكلها تُستبعد منها فرضية الإهمال، حفاظًا على مصداقية الدولة وأعصاب المواطن.

1.”العين حق”.. سنترال رمسيس اتفلق بالحسد
قال مصدر رفيع في وزارة الاتصالات، فضّل عدم ذكر اسمه “عشان العيون”، إن السنترال المذكور ظل يعمل بكفاءة نادرة منذ منتصف القرن الماضي، ولم يُسجل عليه أي تقصير يُذكر. بل وصفه بـ”نموذج الصمود المؤسسي”، خصوصًا بعد أن نجا من عدة موجات خصخصة، وانقطاع كهرباء، وأمطار يناير.وأضاف المصدر أن الكفاءة الزائدة في الأداء غالبًا ما تُلفت الأنظار وتُثير الغيرة، خاصة أن السنترال كان الوحيد تقريبًا اللي النت بيخرج منه بدون ما يفصل، والشبكة فيه كانت ما شاء الله بتنقل المعلومة قبل ما الواحد يخلص كتابتها. “الناس بتحسد الشبكات يا جماعة”، قالها وهو يلتفت خلفه فجأة، ثم تابع: “مش بعيد تكون طاقة سلبية تجمّعت حوالين المبنى وانفجرت لوحدها”.المصدر نفسه أشار إلى اتجاه الوزارة لتشكيل لجنة استشارية من علماء الطاقة، والمجاذيب، وبعض مشايخ الرقية، لتحديد البقع الساخنة للطاقة الحسودة داخل السنترالات، تمهيدًا لرشها بـ”مياه مبرمجة” بعد صلاة العصر
2.السنترال شهيد الابتلاء.. فتوى لا تحتمل الجدل
فتوى لا تحتمل الجدلفي تصريح مقتضب لقناة “نور الحق HD”، أكد الشيخ الدكتور شمس الدين العزّوني، عضو هيئة كبار العلماء، أن ما جرى في رمسيس لا يُعد حريقًا، بل ابتلاء ربانيًّا نُصيب به بعض مؤسساتنا لتظل في دائرة الطهارة والمجاهدة.الشيخ العزّوني أوضح أن الله يبتلي من يحبهم، والسنترال ظل يخدم ملايين المواطنين، ويستقبل البيانات ويُرسلها دون كلل. وبالتالي، فإن احتراقه هو علامة على القَبول والرضا.واستنكر الشيخ أن يتم اتهام موظفي السنترال بالتقصير، مؤكدًا أن الأقدار محتومة ولا مفر منها، ويجب أن نكون مؤمنين موحدين بالله ونرضى بقضاء الله وقدره وختم حديثه قائلاً: “من قال بإهمال السنترال فقد جهل السنن، ومن اتهم العاملين فيه فقد طعن في القدر، وأشعل النار في ضميره قبل المبنى”
.3. العملية الرمادية: الموساد حاقد
اللواء المتقاعد حلمي خُرم، الخبير في الأمن السيبراني والاستراتيجيات المضادة، خرج بتصريح مثير في برنامج “صباح الشأن العام”، قال فيه إن الحريق ما هو إلا عملية تضليل استخباراتي مصرية ناجحة لضرب منظومة التنصت الصهيوني.وأضاف خُرم: “نحن نعلم أن الموساد يتغذّى على كابلات النحاس القديمة، وكان السنترال أحد آخر المواقع التي تحتوي على خطوط لم تُشفّر بالكامل، فقررت الدولة إنهاء اللعبة”. وأردف: “إحنا حرقنا السنترال قبل ما هم يخترقوه، دا اسمه الردع بالنار”.اللواء طالب الإعلام بعدم استعجال الأحكام، وترك المجال “للجهات العليا” التي تعلم ما لا نعلم، مؤكدًا أن “ما تراه نارًا هو في الحقيقة قنبلة بيانات انفجرت في وجه العدو”
.4. استحضار الذاكرة الوطنية.. بين رمسيس و1952
أما البوق الإعلامي الشهير والمفكر الوطني الفذ لؤي الخطير، فقد ذهب إلى أبعد من التفسيرات التقنية والتحليلات الباردة، مؤكدًا أن حريق سنترال رمسيس لا يمكن فهمه إلا ضمن سياق الرمزية الحضارية والذاكرة التاريخية العميقة، قائلًا إن ما جرى “أكبر من كونه مجرد تماس كهربائي أو شُحنة زيادة”، بل هو تعبير وجودي عن لحظة مصيرية تمر بها الدولة.وفي مقال مطوّل، كتب الخطير: “النار التي اشتعلت في السنترال ليست نارًا مادية، بل نار رمزية، تُضيء لنا ما لم نكن نراه. ربما اشتعل المبنى، لكن الرسالة كانت واضحة: مصر تتذكّر، ومصر تُذكّر. ومن قال إن للمباني قلوبًا، فقد أخطأ. المباني في مصر تملك أرواحًا، وذاكرات، وكرامة وطنية”.وأضاف: “تزامن الحريق تقريبًا مع الذكرى السبعين لحريق القاهرة في 1952 ليس صدفة، بل إشارة من التاريخ. في ذلك اليوم احترقت المحلات والمباني، واليوم يحترق السنترال، كأن مصر تقول لنا: لا تنسوا الماضي… لكن بثقة، وإحساس بالدولة”.وتابع الخطير تصريحاته قائلا: “مصر مش بلد وخلاص. مصر أمي. ولو السنترال اتحرق، فهو اتحرق في حضن أمه، ودا أكرم له من إنه يتحرق في حضن دولة تانية. إحنا بلد لما بتوجع، بتبدع. ولما بتولّع، بتقود”.واختتم الخطير حديثه بمناشدة عاطفية، طالب فيها المصريين بعدم الانجرار خلف “خطاب الإهمال والفشل”، لأنه بحسب تعبيره “من لم يفهم النار، لا يستحق النور”
.5. تحديث أمني سخن على النظام
وفي بيان رسمي لم يحمل توقيعًا محددًا، أوضحت وزارة الاتصالات أن السنترال كان يخضع لعملية “تحديث أمني عاجل” بالتعاون مع شركة أجنبية متخصصة في البرمجيات. وأضاف البيان أن العملية تمت بالتنسيق مع لجنة التحول الرقمي، لكن “بعض الأكواد الجديدة لم تتوافق مع الرطوبة في أسقف المبنى”، مما أدى إلى “سخونة غير متوقعة في لوحات التحكم”.وطمأن البيان المواطنين بأن خدمات الإنترنت ستعود تدريجيًا فور الانتهاء من تهوية السيرفرات وتبريد الكابلات المحترقة، مشيرًا إلى أن فرق الدعم الفني تقوم حاليًا بمسح المبنى رقميًا لتحديد نقاط الاحتراق، وربما إعادة رسم خرائط الحرارة داخل المنشآت الحكومية مستقبلاً.
كلمة أخيرة
أخيرًا، وفي ظل هذا الكمّ من التفسيرات العميقة، والمتعددة الأبعاد، من الحسد إلى الابتلاء إلى التضليل الاستراتيجي، يبدو واضحًا أن الحديث عن “الإهمال” هو طرح شعبوي سطحي، أقرب للكسل الذهني منه لأي نوع من التحليل الجاد. هؤلاء الذين لا يجدون في الدنيا تفسيرًا لأي شيء إلا بـ”الإهمال”، غالبًا ما يكونون هم أنفسهم أكثر الكائنات إهمالًا: في التفكير، في التعبير، وفي حب السيد الرئيس كذلك.يعني هو كل ما تولّع حاجة نقول إهمال؟ دا حتى اللغة زهقت من الكلمة، والناس اللي بيقولوها بقوا بيكرروها كأنها زرار محطوط في دماغهم من أيام التابلت التعليمي. طيب فين الفهم؟ فين العمق؟ فين احترام الوطن؟الدولة بحسب ما قاله مسؤولون، وخبراء، ومحللون، ومشايخ، وحتى إعلاميون لا ينامون تعرف جيدًا ما تفعل. واللي مش شايف دا يبقى عنده مشكلة، النار، كما يبدو، ليست عقابًا بل تطهيرًا، وليست فوضى بل خطة، وليست فشلًا بل بداية لمسار جديد… ساخن نعم، لكنه واعد.أما أنتم يا محترفي الشكوى، يا محترفي اللايك والشير والنحيب الإلكتروني، فدعوا عنكم نظريات المؤامرة المقلوبة، وابحثوا لكم عن تفسيرات تليق بعصر جمهورية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي. لأن اللي يشوف نار الدولة ويصر يقول “إهمال”، غالبًا هو نفسه محتاج صيانة.