بعد حريق سنترال رمسيس.. وزارة الاتصالات تفرض رسوم إخماد الحرائق على فواتير الإنترنت

سنترال رمسيس

أعلنت وزارة الاتصالات المصرية، في بيان رسمي صادر مساء اليوم، انتهاء التحقيقات الخاصة بحريق سنترال رمسيس، الذي اندلع قبل يومين وأدى إلى انقطاع مؤقت في خدمات الإنترنت والتليفون الأرضي بعدد من المناطق الحيوية وغير الحيوية في العاصمة وبعض المحافظات.

حريق سنترال رمسيس

وجاء في البيان أن التحقيقات التي استغرقت جهدا مكثفا من الفحص والاستماع إلى كافة الأطراف، والتأمل في الرموز والمعاني”، لم تُسفر عن تحديد فاعل واضح أو مسؤول مباشر عن الحريق، وعليه فقد تم قيد القضية رسميًا “ضد مجهول”، مع التوصية بعدم طرح المزيد من الأسئلة، “لأن النار أحيانًا بتولّع لوحدها”.

وأكدت الوزارة أن الحريق، رغم طبيعته المؤلمة، يمثل فرصة لإعادة التفكير في مفهوم الأمن السيبراني الشامل الذي يبدأ من طفاية الحريق وينتهي عند محول الكهرباء، موضحة أنها بصدد اتخاذ حزمة إجراءات استباقية لتفادي تكرار ما حدث، على رأسها “إشراك المواطن في المنظومة من خلال تحمّل جزء من المسؤولية”.

رسوم جديدة على فواتير الإنترنت 

وكشفت الوزارة، ضمن البيان نفسه، أنها بصدد إضافة بند جديد إلى فواتير الإنترنت تحت اسم “رسوم بدل إطفاء حرائق”، بحيث يتم تحصيل مبلغ شهري ثابت من كل مستخدم، للمساهمة في صيانة شبكات البنية التحتية، وتأمين السنترالات ضد الحسد والماس والإهمال البشري والعوامل الجوية والتكنولوجية وتحسبا لحرائق سنترالات أخرى سواء رمسيس أو غير رمسيس.

وقال مصدر مسؤول في الوزارة فضّل عدم الكشف عن اسمه إن الرسوم ستكون رمزية جدًا، ولن تؤثر على المواطن البسيط، مؤكدًا أن المواطن “مش هيدفع غير تمن اللي اتحرق وشوية لوازم لإجراءات الأمن والسلامة ودي أقل حاجة يقدّمها في سبيل الحفاظ على الشبكة الوطنية.

وأوضح المصدر أن المبلغ المبدئي المقترح سيقدر بنحو 30 جنيهًا شهريًا، على حسب مساحة الشقة وسرعة الباقة”، مشيرًا إلى أن الوزارة درست تجارب دول أخرى مثل بنغلاديش وأوغندا وزيمبابوي، لكنها لم تجد أي نموذج سابق، فقررنا نكون روّاد في المجال ده برضو، بحسب البيان.

حملة توعية وطنية بعنوان “طفّي معانا”

وفي إطار التحول نحو ما وصفه البيان بـ”المواطنة النارية”، تعتزم الوزارة إطلاق حملة إعلامية موسعة بعنوان “طفّي معانا”، تهدف إلى رفع الوعي الشعبي بأهمية المشاركة المجتمعية في مواجهة الكوارث الرقمية المشتعلة.

وتشمل الحملة سلسلة إعلانات تليفزيونية وإذاعية، إضافة إلى محتوى توعوي على السوشيال ميديا من إنتاج مؤثرين محليين، حيث سيظهر اليوتيوبر المعروفين في فيديو تعليمي يشرح للمواطنين “إزاي تتعامل مع الراوتر لو شمّيت ريحة شياط”.

كما سيتم توزيع كتيّب صغير بعنوان “الوقاية من اللهب الرقمي”، يتضمن نصائح حول التعامل مع الأسلاك، وتفسير الأحلام المتعلقة بالسنترالات، وطريقة قول “ما شاء الله” أمام الكابلات.

وأكد بيان الوزارة أن من يدفع الرسوم شهريًا سيتمتع بعدد من المزايا، من بينها الأولوية في عودة الخدمة بعد الكوارث، ورسالة تقدير عبر الإيميل، وكوبون خصم 5% على طفاية الحريق المنزلية.

الحكومة: لا تراجع عن التطوير حتى لو ولّعنا كل أسبوع

من جهته، أكد المتحدث باسم مجلس الوزراء في تصريحات خاصة لـ”الجمهورية الجديدة“، أن الحادث “لن يؤثر على خطط الدولة في التحول الرقمي، وأن الحكومة مستمرة في توسّعها التكنولوجي مهما بلغت درجة السخونة”.

وتابع المتحدث: “الدولة مش هتتراجع عن أهدافها عشان كابل اتحرق. بالعكس، دا بيأكد لنا إننا على الطريق الصح، لأن التطوير الحقيقي لازم يولّد حرارة”، مضيفًا: “ما فيش دولة في العالم دخلت الذكاء الاصطناعي من غير ما يشتعل عندها شوية سيرفرات”.

وأشار إلى أن الأجهزة التنفيذية ستبدأ اعتبارًا من الأسبوع المقبل في مراجعة خطة توزيع السنترالات بناءً على درجات الحرارة التاريخية لكل حي، مع إمكانية إنشاء “سنترالات مكيّفة” في بعض المناطق الحساسة، وتعيين حارس ليلي متخصص في شمّ رائحة البلاستيك المحترق.

وفي ختام التصريحات، طالب المتحدث الجميع بـ”عدم الانسياق وراء مروّجي الشائعات والشمّاعة القديمة بتاعة الإهمال”، مؤكدًا أن الدولة “تعرف كويس هي بتعمل إيه”.

مصطفى مدبولي

تكريم سنترال رمسيس رسميًا

وفي لفتةٍ وطنيّة تحمل كثيرًا من الوفاء، أعلنت وزارة الاتصالات نيتها تكريم سنترال رمسيس رسميًا، باعتباره “رمزًا للبنية التحتية الوطنية الصامدة”، و”نموذجًا يُحتذى في الانضباط الحراري والاستقرار الشبكي”، خاصة وأنه كما جاء في البيان، لم يتعرض للحريق إلا مرة واحدة فقط طوال تاريخه الممتد منذ منتصف القرن الماضي، وهو إنجاز لا يُستهان به في بلد درجة حرارته أحيانًا تتجاوز الخمسين.

وأكد البيان أن السنترال خدم الوطن بصمت ونشاط، تحمل ضغوط المكالمات، وانقطاعات الكهرباء، وأزمات الصيانة، ومبادرات التحول الرقمي، دون أن يصدر منه صوت أو شرارة واحدة، حتى لحظة احتراقه البطولي الأخيرة. وأضاف: “لقد واجه السنترال ما لم يواجهه بشر، صمد في وجه الحكومات المتعاقبة، وموازنات التقشف، وأسلاك مغشوشة، وفساد وبلاوي ما يعلم بها إلا ربنا”.

ومن المقرر أن يُطلق عليه لقب “شهيد البنية التحتية الرقمية”، مع تدشين لوحة تذكارية على بابه الجديد بعد ترميمه، مكتوب عليها: “هنا احترق جزء من ذاكرتنا ولم تطفأ كرامتنا”، كما تدرس الوزارة إقامة حفل تأبيني رمزي يحضره عدد من الشخصيات العامة، ومطوري الشبكات القدامى، وعمال السنترالات المحالين على المعاش، هذا وقد أكد المتحدث باسم الوزارة أن التكريم “ليس فقط لأجل الماضي، بل رسالة للمستقبل، مفادها أن المباني التي تشتعل من أجلنا، لا تُنسى”.