ابسط يا فقير.. الدولة تُعلن عن ثلاث بدائل مبتكرة للمصيف تناسب محدودي الدخل

الدولة تعلن عن مصايف للفقراء

في إطار سعي الحكومة إلى تعزيز مفهوم “السياحة للجميع” وتحقيق العدالة الترفيهية بين المواطنين، لاسيما بعد انتشار صور وأخبار عن عطلات السادة الوزراء في العلمين والساحل والغردقة وشرم وغيرها، وحتى لا تكون منظورة من قبل المواطنين الغلابة الفقراء، أعلنت وزارة السياحة بالتعاون مع وزارة التخطيط عن ثلاث بدائل رسمية للمصيف تم إعدادها بعناية لتتناسب مع أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة الأدنى والفقراء المعدمين من غالبية المصريين، خاصة بعد أن بات الاستجمام على البحر حلمًا بعيد المنال نتيجة لارتفاع أسعار الإقامة، وتزايد تكلفة الخدمات الأساسية في الوجهات الساحلية.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته الحكومة صباح اليوم بمقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية، بحضور عدد من الشخصيات العامة والخبراء في مجال “الترفيه منخفض التكاليف”، وانشغال معظم الوزراء الأخرين بالمصيف كل عام وحضراتكم بخير، وصرّح المتحدث الرسمي للوزارة بأن هذه البدائل تأتي “في إطار فهم الدولة العميق لاحتياجات المواطن البسيط الذي يزن كل عام في نفس التوقيت على موضوع المصيف، وتقديرها لحلمه المشروع في شم نسيم البحر، حتى لو من بعيد”.

تأجير البحر بنظام المدد: نموذج استثماري للعدالة المائية

أول هذه البدائل يعتمد على مبدأ “الانتفاع المرحلي من الموارد الطبيعية”، حيث أقرّت الوزارة لائحة تنظيمية جديدة تتيح تأجير البحر نفسه للمواطنين بنظام “المدة أو المدتين”، وفق تقسيمات زمنية ومكانية تضمن توزيع الشاطئ بعدالة هندسية.

وبحسب اللائحة، فإن الشواطئ العامة لن تكون مجانية تمامًا، بل ستتم إدارتها بنظام “الاستئجار الترفيهي” الذي يُلزم كل مواطن بحجز مساحة معينة من الشاطئ حسب مقدرته المالية، وذلك إما للوقوف فقط، أو للجلوس الجزئي، أو للنزول الجزئي في المياه، على أن يتم ترقيم المواطن تلقائيًا من قبل لجنة المراقبة الشاطئية. ويُشترط على راغبي النزول الكامل استخراج تصريح مسبق من الجهة المختصة مع الالتزام بتعليمات السباحة الموحدة.

ولم تغفل الوزارة عن الجانب التقني في هذه التجربة، حيث سيتم تفعيل سوار إلكتروني يُمنح لكل مواطن قبل دخوله الشاطئ، ويتضمن شريحة توقيت مبرمجة بدقة، تُحدد بدقة مدة استحقاقه للمياه. وعند اقتراب انتهاء المدة، يبدأ السوار بإصدار تنبيه صوتي خافت لتحذير المواطن، يليه اهتزاز خفيف. أما في حال تجاهله واستمر في النزول أو السباحة، يُفعّل السوار خاصية “الصعق الكهربائي الآمن”، وهي صعقة بسيطة محسوبة علميًا، تهدف فقط لإعادة التوازن السلوكي وتنبيه المواطن لضرورة الخروج فورًا، دون التسبب بأي ضرر عضوي دائم.

وأكد بيان الوزارة أن شدة الصعقة تم تحديدها بحيث تكون “أقوى من لسعة ناموسة وأضعف من كهرباء الغسالة”، وتأتي كبديل حضاري عن الصراخ أو استخدام الصفارة. كما سيُرافق هذا النظام دوريات ميدانية من وحدات “الضبط الشاطئي”، ترتدي زيًا موحدًا وتحمل جهاز تفتيش مائي لرصد أي تمديد غير مشروع داخل البحر.

ويُمنح المخالفون في المرة الأولى إنذارًا، بينما تُفرض في حال التكرار غرامة رمزية تبدأ من 50 جنيهًا، تُسدّد فورًا عبر ماكينة الدفع المحمولة على صدور المفتشين. وفي حال امتناع المواطن عن الدفع، يُحظر من دخول البحر لمدة موسم كامل، ويُدرج اسمه في “القائمة السوداء للمصطافين”، التي تُشارك تلقائيًا مع إدارات الشواطئ على مستوى الجمهورية.

بداية تجريبية في جمصة وبلطيم 

وقد تقرر أن تبدأ المرحلة التجريبية لهذا النظام في عدد من المصايف الشعبية الواقعة على السواحل الشمالية، تحديدًا في جمصة وبلطيم ورأس البر، باعتبارها مناطق مناسبة لاختبار فاعلية الإجراءات على الفئات “الأكثر احتكاكًا بالخدمات”، وفق تعبير البيان الرسمي. وستعمل فرق الضبط الشاطئي ووحدات المتابعة على مراقبة التفاعل مع النظام الجديد وتقييم مدى التزام المصطافين بقواعد “الاستخدام الزمني الترفيهي”.

أما المصايف الفاخرة مثل الساحل الشمالي، والجونة، وسهل حشيش، ومناطق الصفوة الأخرى، فقد أوضح البيان أنها خارج نطاق هذا التنظيم بالكامل، نظرًا لكونها “خدمات غير مخصصة للشرائح منخفضة الدخل”، و”تخضع لنظام ترفيهي مختلف يتناسب مع طبيعة قاطنيها وظروفهم الاقتصادية المتقدمة، قال ساحل قال، انتوا مجانين ولا إيه؟”.

“صيف واتكيف” .. تطبيق منزلي فريد من نوعه 

أما البديل الثاني، والذي وصفه المسؤولون بأنه “اختراق نوعي في تجربة المصيف”، فيتمثل في إطلاق تطبيق رقمي جديد يحمل اسم “صيف واتكيف”، يهدف إلى محاكاة تجربة المصيف داخل المسكن، باستخدام تقنيات الصوت المحيطي والتخييل الحسي.

ويحتوي التطبيق على مؤثرات صوتية تم تسجيلها من شواطئ حقيقية، منها صوت موج البحر، صراخ الأطفال، خناقات الأسر على الكراسي، بالإضافة إلى أصوات نداء الباعة الجائلين مثل “آيس كريم حلو.. طازة يا فريسكاااا”، وذلك لخلق بيئة واقعية قدر الإمكان. كما يتيح التطبيق إمكانية تشغيل رائحة صناعية لطحالب البحر يتم بثها من خلال فتحة الشحن، ويمكن اختيارها من بين روائح متعددة مثل “رمل رطب”، و”قنديل ميت”، و”جردل بلاستيك دافي”.

النسخة المدفوعة من التطبيق توفّر أيضًا وضعية “المصيف الليلي”، وهي خاصية تُقلل إضاءة الشاشة تدريجيًا وتعرض مشهدًا متحركًا لعائلة نايمة على بطانية بزهور برتقالية على الرصيف، مع صوت مروحة مشروخة في الخلفية. وقد أكدت الوزارة أن التطبيق سيكون مجانيًا خلال الشهر الأول، في حين تُفرض رسوم رمزية لاحقًا لضمان الجدية.

تجربة جديدة داخل منشآت الدولة: المصيف المغلق في المول الحكومي

وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت وزارة التخطيط عن مشروع تجريبي يحمل اسم “المصيف الوطني المغلق”، سيتم تنفيذه داخل أحد المولات الحكومية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ويهدف إلى إعادة تعريف مفهوم المصيف بعيدًا عن فكرة البحر كعنصر أساسي.

وبحسب البيان الرسمي، فإن المشروع يعتمد على استيراد رمال مطابقة للمواصفات من محاجر طرة، سيتم فردها داخل الطابق الثالث من المبنى الإداري الموحد، في حين تقوم أجهزة التكييف برفع درجة الحرارة إلى 43 درجة مئوية لمحاكاة الظروف المناخية في مطروح. ويستطيع المواطن حجز “تجربة الاصطياف” من خلال البوابة الحكومية الموحدة، على أن يُسمح له بالجلوس على كرسي بلاستيكي تحت مصباح أصفر لأخذ درجة التان المناسب، مع توفير كوب مياه ساخنة بطعم كلور البحر.

المول سيحتوي أيضًا على كافيتريا تقدم فشارًا ولب سوري، إضافة إلى إمكانية التقاط صورة مع ماكيت البحر العملاق، وهو عبارة عن لافتة زرقاء ثري دي مصممة بشكل احترافي ويقف أمامها المواطن لأخذ صورة الذكرى. وستُمنح الأسر التي لم تصطَف منذ عام 2018 بطاقة “تصييف محدود” تخوّلها الدخول إلى المول مرتين في الشهر، مع إعفاء جزئي من رسوم الرمل في الزيارة الثانية.

وقد أكد بيان الوزارة أن هذه التجربة تساهم في “تحقيق التكافؤ الترفيهي” بين المواطنين، وترسيخ مفهوم أن المصايف ليست بالضرورة امتلاك شقة على البحر، بل في القدرة على خلق “إحساس البحر” داخل أروقة المؤسسات الوطنية.

وفي ختام المؤتمر، أكّد وزير السياحة أن “الدولة لا تهدف إلى منع الناس من الاصطياف، ولكنها تسعى لتنظيم الحلم بما يتناسب مع الإمكانيات الواقعية”، مشيرًا إلى أن هذه البدائل المبتكرة تأتي لأن حجم البحر ثابت من زمن بعيد بينما يزداد المصريون اللهم صلي ع النبي بالاتنين والأربعة مليون سنويا، كما أوصى المواطنين بـ”المرونة الشعورية والتكيّف التخييلي”، معتبرًا أن المصيف ليس وجهة جغرافية فقط، بل “حالة وجدانية يمكن تحقيقها في أي مكان، والرك ع النية”.