في احتفال رسمي مهيب: الحكومة تُحيي مرور 48 ساعة بلا حوادث على الطريق الدائري الإقليمي

أقامت الحكومة صباح اليوم احتفالًا رسميًا موسعًا بمناسبة مرور 48 ساعة متواصلة بدون تسجيل أي حادثة مرورية على الطريق الدائري الإقليمي، في إنجاز وصفته وزارة النقل بأنه “غير مسبوق في تاريخ البنية التحتية”، ويمثل نقلة نوعية في ثقافة القيادة والالتزام المجتمعي، ويستحق الاحتفاء والتوثيق.
الاحتفال، الذي أُقيم على جانب الطريق ذاته، وتحديدًا عند أقرب نقطة إسفلت مستقرة نسبيًا – حسب وصف تقرير هندسي ميداني – شهد حضور عدد من المسؤولين التنفيذيين، ومندوبين عن هيئة الطرق والكباري، وعدد من سائقي النقل الثقيل الذين صادف مرورهم أثناء رفع الستار عن لوحة معدنية كبيرة كتب عليها: “شكرًا على التزامكم… نحب نشوفكم دايمًا بدون ونش أو عربيات إسعاف”، وذلك وسط تصفيق متقطع بسبب ضجيج المحركات ومحاولة بعض الحضور تفادي حفرة جانبية ظلت مفتوحة منذ شهر الافتتاح الأول.
وفي كلمته خلال الفعالية، أعرب الفريق كامل الوزير، وزير النقل، عن بالغ سعادته بهذا الإنجاز، قائلًا: “الطريق ده اتكلموا عليه كتير، واتشتمنا عشانه أكتر، لكن النهاردة عندنا دليل مادي ومرئي إن الطريق بقى آمن ولو بشكل نسبي. 48 ساعة كاملة من غير حوادث؟ ده إنجاز مش موجود في كتالوج طرق العالم.

وتابع الوزير: “في أوروبا بيتكلموا عن الجودة، إحنا بنتكلم عن المعجزة، واللي شايف إن يومين بدون حادثة مش كفاية، أنا بسأله: هو انت شوفت طريق عندنا عمل يومين راحة من الحوادث قبل كده؟”.
وختم الوزير كلمته بمطالبة المواطنين بالحفاظ على هذا الإنجاز قائلًا: “الدولة عملت اللي عليها… الطريق فتحناه، الإشارات ركبناها، والمطبات ظبطناها، اللي فاضل إن كل مواطن يركز في السواقة عشان منديش فرصة لأهل الشر وأعداء الوطن يخربوا الطرق ويعملوا حوادث”.
تكريم “السائق المثالي”: خمسون كيلومترًا بلا خبطة
خلال مراسم الاحتفال، قامت وزارة النقل بتكريم أول سائق ينجح في قطع مسافة 50 كيلومترًا بحالهم على الطريق الدائري الإقليمي دون أن يتعرض لأي احتكاك، أو انزلاق، أو تفكك ميكانيكي، أو انهيار معنوي. وقد جاء اختيار السائق، ويدعى الحاج معاذ عبدالتواب، بعد مراجعة كاميرات المراقبة الأرضية وتقارير الفرق الميدانية، التي أكدت أن رحلته كانت “سلسة نسبيًا”، ولم تشمل إلا ثلاث تفاديّات ناجحة لمطبات غير مرئية، وانحراف طفيف تجاه اليمين لتفادي بقعة زيت من المؤكد أن أهل الشر وكتائب الإخوان أعدوها ضمن مؤامرتهم الخسيسة ضد مصر.
وتسلّم الحاج صبحي درع “القيادة الرزينة”، وهو مجسم على شكل عجلة تظل ثابتة رغم الحفر، وشهادة تقدير ممهورة بختم “سار على بركة الله”، بالإضافة إلى كوبون خصم 10% عند أي ميكانيك تابع للقوات المسلحة، بشرط إحضار أصل السائق وصورة من العفشة قبل وبعد.

وقد بدا على الحاج صبحي تأثر بالغ أثناء صعوده منصة التكريم المؤقتة، والمصنوعة من حواجز مرورية تالفة، حيث قال في تصريح مقتضب للصحفيين: “أنا بجد ما صدقتش نفسي، حسّيت إني في بلد تانية، كنت ماشي على مهلي ومستني اللحظة اللي فيها أسمع صوت تكتكة أو أتوبيس بيقلع، بس الطريق فضل ساكت خالص وأنا اتخضيت بصراحة لكن بجد ده أعظم إنجاز حصلي من ساعة ما جبت الميكروباص سنة 98”.
وأكّد بيان الوزارة أن هذا التكريم سيكون دوريًا، وسيُمنح شهريًا لكل من ينجح في اجتياز الطريق دون اللجوء إلى الإسعاف، أو الاستعانة بميكانيكي متنقل، أو تبادل شتائم مع باقي السائقين عبر الكلاكسات كما هو معتاد.
كما سيتم لاحقًا تخصيص لوحة شرف شهرية عند كل بوابة رسوم على الطريق، تُعلق عليها أسماء السائقين الذين أكملوا المسار دون أي حادث أو بلاغ، على أن تُطبع أسماؤهم بخط واضح، وتُضاف إليها عبارة: “قدّها وقدود يا سطى”، لتشجيع الآخرين على السير على خطاهم، أو على الأقل السير في الخط ذاته دون الخروج عن المسار أو عكس الاتجاه أو ما شابه من هذه الأساليب الماكرة للسائقين لتفادي الحفر والمطبات.
قرارات جديدة: خوذة لجميع السائقين بما فيهم الملاكي
وفي سياق الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها الحكومة خلال الاحتفال بمرور 48 ساعة بلا حوادث، كشفت وزارة النقل عن مجموعة من التعليمات الفنية الجديدة، تهدف إلى تعزيز السلامة على الطريق الدائري الإقليمي، والانتقال من مرحلة “تفادي الصدمة” إلى “الاستعداد لها نفسيًا وبدنيًا”.
وجاء في مقدمة هذه القرارات إلزام جميع السائقين، دون استثناء، بارتداء خوذات واقية أثناء القيادة، لا تقتصر فقط على سائقي الدراجات النارية كما جرت العادة، بل تشمل أيضًا سائقي الملاكي، والنقل، والميكروباص، بل وحتى سائقي التوك توك.
وأوضح بيان الهيئة أن الخوذة ستُعد جزءًا أساسيًا من أوراق الترخيص، وسيتم فحص سلامتها في الكمائن، والتأكد من كونها مُحكمة الربط، وتمت صناعتها من مواد تتحمل الصدمات المتكررة، وليس من “البلاستيك اللي بيتكسر أول خبطة”، كما ورد في البيان.
كما أعلنت الحكومة عن توزيع واقيات ركبة وكوع على ركاب النقل الجماعي، خاصة في الصفوف الخلفية المعروفة بكونها الأكثر تعرضًا لـ”قذف غير إرادي” عند الاصطدام بالمطبات المفاجئة، أو الحفر ذات الطابع الدرامي.
وبهدف مزيد من الاحتراز، تم تدشين خاصية جديدة في بعض المركبات العامة تُعرف بـ”صفارة الإنذار الخلفية”، وهي جهاز يصدر صوتًا عاليًا قبل ثلاث ثوانٍ من دخول المركبة على مطب غير مُعلن، أو فتحة مفاجئة في الطريق، وذلك لإتاحة الفرصة للراكب لشدّ حزامه النفسي، أو التعلق بأي عمود، كرسي، أو الكلبشة في أي حد قاعد جانبه، حسب ما يتوفر.
وصرّح مسؤول كبير في هيئة الطرق أن هذه الحزمة من الإجراءات أسهمت بشكل مباشر في تحقيق الرقم القياسي الذي يحتفى به اليوم، مؤكدًا أن “الانضباط المروري لا يتطلب فقط طرقًا ممهدة، بل يتطلب مواطنًا مؤهلاً بدنيًا، مدربًا نفسيًا، ومزودًا بخوذة رأس”.
إطلاق الحملة القومية “العين صابتني ورب العرش نجاني”
واستمرارًا لأجواء الفخر الوطني بالطريق الدائري الإقليمي، أعلنت الحكومة عن إطلاق حملة توعوية جديدة تحت اسم “العين صابتني ورب العرش نجاني”، تهدف إلى توثيق وتكريم التجارب الاستثنائية للمواطنين الذين تمكنوا من عبور الطريق دون الحاجة إلى رفع السيارة على جاك، أو إعادة ضبط فقرات الرقبة.
ووفقًا للبيان الصادر عن وزارة النقل، فإن الحملة تأتي في إطار “تعزيز الأمل، وتأكيد أن النجاة ليست مستحيلة، بل نادرة فقط”، وستُتاح للمواطنين فرصة إرسال قصصهم المؤثرة عبر منصة إلكترونية رسمية تم تخصيصها لهذا الغرض، شريطة أن تحتوي القصة على تفاصيل حقيقية، وصور موثقة، ويفضل وجود شاهد حيّ.
وسيتم شهريًا اختيار “قصة النجاة الملهمة”، لنشرها في الجريدة الرسمية، مع منح صاحبها ميدالية رمزية على شكل عجلة سليمة لم تُصاب بانبعاج، بالإضافة إلى بطاقة مرور مجانية صالحة لعبور بوابة رسوم واحدة بشرط ألا يكرر المحاولة في نفس الأسبوع.
وأكدت الوزارة أن هذه المبادرة ليست فقط احتفاءً بالنجاح الفردي، بل محاولة لبناء سردية مجتمعية إيجابية حول إمكانية التعايش مع البنية التحتية، مضيفة أن “الطريق صعب، نعم، لكن الإنسان المصري أقوى من المطب، وأصلب من الشاسيه”.
وشدّد البيان على ضرورة التحري في القصص المرسلة، مشيرًا إلى أن البلاغات الكاذبة ستُواجه بالحزم اللازم، لا سيما تلك التي تتضمن ادعاء عبور الطريق بأكمله دون أن “يحس السائق بهزة واحدة”، وهي بحسب الوزارة “روايات تنتمي إلى أدب الخيال العلمي، وتشكل خطورة على الوعي العام، ومصداقية الواقع”.
وخُتم البيان بالتأكيد على أن “الطريق لا يحتاج إلى تحسين فقط، بل إلى احتضان مجتمعي، وتقدير لكل من عبره وخرج حيًّا بسيارته كاملة العدد”.
الدولة تشكر الطريق… وتفكر في إقامة احتفال سنوي
وفي ختام الفعالية، وقف الحضور دقيقة صمت تكريمًا للطريق الدائري الإقليمي “في حالته الجديدة”، حيث أُطفئت المحركات، واصطف الحضور بينما عُزفت موسيقى وطنية مسجلة عبر سماعات مؤقتة، كان من المفترض استخدامها في افتتاح كوبري مجاور لكن تم تحويلها للحدث بناءً على أهمية اللحظة.
وأشار المتحدث إلى أن الدولة تدرس حاليًا اعتماد هذا اليوم كـ”عيد وطني للطريق”، يُحتفل به سنويًا ضمن أجندة المناسبات القومية، إلى جانب عيد الشرطة وعيد الأم وعيد التموين وغيرها. وسيشمل الاحتفال تعليق الزينات على أعمدة الإنارة المعطلة، ورش الطريق بالرمل الناعم كرمز رمزي للاستقرار، وتنظيم ماراثون مشي بجوار الحارات الأقل خطورة، يُسمى “طريقك مش لوحدك”.
كما يُقترح ضمن مقترحات لجنة الاحتفال أن تُغلق بعض الحارات عرضيًا في هذا اليوم لا بهدف الإصلاح، بل للتعبير عن البهجة والامتنان للبنية التحتية، ولتأكيد أن “مش كل إغلاق هو غضب”، وإنما قد يكون تعبيرًا عن الحنان الوطني على الإسفلت.
وقد رُفعت توصيات بتدشين نصب تذكاري صغير على أحد جوانب الطريق، يتضمن مجسّمًا لعجلة سليمة تقف فوق مطب مُهذّب، وعليه نقش من البرونز مكتوب عليه: “هنا مرّت عربية مصرية.. وعدت بسلام”.