لا بندورة بعد اليوم.. الملك عبدالله يصدر قرارًا بحظر البندورة في الأردن

البندورة

في عالم يتغيّر كل يوم، وفي منطقة تموج بالتحديات الجيوسياسية والتقلّبات الاقتصادية، لم يكن أحد يتوقّع أن تكون الطماطم – أو كما تُعرف شعبيًا في الأردن بـ”البندورة” – هي التهديد الأكبر لاستقرار الدولة وهيبة العرش.

لكن الواقع فرض نفسه،  لم تعد البندورة مجرد ثمرة في السلطة الخضراء على مائدة الغذاء، بل تحوّلت إلى سلطة رمزية على لسان الجماهير.

 لقب “ملك البندورة” الذي بدأ كـنكتة خفيفة في أوساط السوشيال ميديا، سرعان ما تحوّل إلى أزمة سياسية مصغّرة، تهز أركان الصورة الملكية وتطرح تساؤلات خطيرة:
هل يمكن للثمرة الحمراء أن تسحب البساط من تحت العرش؟

فهذه ليست أزمة غذائية، بل تحدٍ رمزي يتسلّل إلى الضمير الجمعي عبر أسواق الخضار، وتغريدات تويتر، وحتى النكات العائلية، الناس لم تعد تضحك من قلبها، بل تضحك على حساب صورة الوطن، (بما أن الملك هو الوطن يعني )  مستخدمة ثمرة مُسالمة لطالما زيّنت المقلوبة والمناسف والفتوش.

ولأن الخطوط الحمراء يجب ألا تُهرس في الخلاط، قررت الدولة التعامل مع البندورة لا كطعام، بل كـ أداة محتملة للمساس بالرمزية الوطنية، فالسيادة لا تقبل المزاح، من الآن فصاعدًا، ستُعامل البندورة معاملة الكيانات الخارجة عن القانون، وربما نضطر لمحاسبتها على جرائم لم تفعلها عقابًا لها وكلمة زيادة والملك عبدالله ممكن يعمل حاجة متخطرش على باب ملكة انجلترا شخصيا الله يرحمها يعني.

والسؤال الآن لم يعد: ماذا نأكل؟
بل: ماذا نُبقي على المائدة.. حتى لا تسقط هيبة الدولة في صحن فتوش.

قرار ملكي: تجميد تداول البندورة لأسباب سيادية

في جلسة مغلقة، أصدر الديوان الملكي الأردني قرارًا رسميًا يقضي بـ”تجميد تداول البندورة لأسباب تتعلق بالأمن القومي والرمزية السيادية”، وجاء القرار بعد تقارير استخباراتية رصدت الاستخدام المفرط لكلمة “بندورة” في منشورات ساخرة، وارتفاع غير مبرر في معدل النكات التي تبدأ بجملة “كان يا ما كان، كان في ملك بندورة”.

الديوان الملكي الهاشمي

وفي بيان مقتضب من ثلاثة أسطر، أكدت الجهات المختصة أن البندورة لم تعد خضارًا بريئًا، بل تحوّلت إلى “رمز موازٍ للشرعية، يتسلل عبر الأسواق والسندويشات ليقضم من هيبة الدولة”.

وأكد مصدر رفيع ـ رفض ذكر اسمه مكتفيًا بذكر أنه “بيحب الفتوش” ـ أن القرار سيشمل وقف زراعة البندورة، ومنع استيرادها أو بيعها أو تداولها إلكترونيًا، حتى إشعار ملكي آخر.
وأضاف: “الناس نسيت إن البندورة مش لعبة، لما تتحوّل الطماطمة لكناية عن رأس الدولة، يبقى لازم نقطع السلسلة من جذورها”.

وتجدر الإشارة إلى أن القرار يشمل العقوبات التالية:
حظر تداول المثل الشعبي: “البندورة ما بتكبر غير بالسُمية”.
منع استخدام الإيموجي 🍅 على مواقع التواصل داخل المملكة.
فتح باب التوبة لمن يزيل منشوراته الطماطمية خلال 72 ساعة
.

ولم يُخفِ الديوان أن القرار جاء أيضًا في إطار حملة أوسع تحت شعار: “الأمن الغذائي لا يجب أن يتفوق على الأمن السيادي”.
ففي النهاية، السلطة ممكن تنقص من السوق، لكن مش من رأس الدولة.

مفيش بندورة كُل خيار 

بعد القرار الملكي التاريخي بتجميد تداول البندورة، وحرمان المملكة من أحد أعمدتها الغذائية، تحرّكت الحكومة سريعًا لتوفير بدائل آمنة لا تمس بالرموز، ولا تفتح الباب أمام موجات التهكم الغذائي، وعليه، أُطلقت مبادرة وطنية جديدة تحت عنوان: “خيارة لكل مواطن”

المبادرة تهدف إلى إعادة توجيه الذوق العام نحو خضار أكثر التزامًا، وأقل دلالًا سياسيًا، فالخيار، بخضرته المحايدة وقوامه المتماسك، لا يرمز لشيء، ولا يُستخدم في وصف أي حاكم – حتى الآن – مما يجعله عنصرًا آمنًا من الناحية السيادية.

وأكدت وزارة الزراعة أن “الخيار لا يُسقط أنظمة ولا يهدد استقرارًا”، بل ينعش الجسم ويمتص التوتر الشعبي، مشيرة إلى أنه سيُدرج رسميًا ضمن قائمة “الخضروات الوطنية منخفضة الخطر الرمزي”.

وفي إطار تنفيذ المبادرة، أُعلن عن توزيع حزم من الخيار مجانًا على الأسر الأكثر تهكمًا، مع إطلاق حملات توعية تحت شعارات مثل:
“الطماطم تفرّقنا.. الخيار يوحّدنا”
“من الطماطم إلى الخيار.. نُعيد رسم المسار”
“خليك خياري.. وسيبك من إشاعات الطماطم”

كما نصّت التعليمات الجديدة على ضرورة تدريب المواطنين على إعداد وجبات جديدة خالية من البندورة، مثل “الفتوش الناشف”. 

وبذلك، تتحوّل المملكة إلى تجربة فريدة في الشرق الأوسط:
دولة بلا بندورة.. لكن بخيارات محسوبة. 

إعلام البلاط: البندورة خطر على الأمن القومي 

في محاولة رسمية لدعم الحملة الوطنية ضد البندورة، دخل الإعلام الأردني على الخط ما بين التهويل والحذر، مقدمًا الطماطم كـ “تهديد خطير” لا يعبر عن الطعام فقط بل يستهدف الأمن القومي.

من برامج التوك شو المدعومة، خرجت مذيعات ومحللون يؤكدون أن استخدام “ملك البندورة” في المناكفة الشعبية لم يعد مجرد طرافة، بل تحوّل إلى رمز سياسي يُقلب الطاولة على رمزية العرش ويُعزّز التهكم المجتمعي على الصورة الرسمية، مما استدعى تضييق الخناق على هذه الرمزية الحمراء.

وفيه تصريح قال وزير الاتصال الحكومي الأردني السابق مهند مبيضين: “البندورة باتت تمثل خطابًا مضادًا للسيادة، ونشر الفيديوهات الساخرة عبر السوشيال ميديا حول اللقب قد يصلح لأن يُدرّس كمادة مصغّرة في الجامعات عن التأثير الرمزي الغذائي على الثقة الوطنية.”

أما في شريط الأخبار عند السادسة، فقد تم إشعار المواطنين بأن “السماح بتداول البندورة بعد الآن يشكل خطرًا على الأمن الغذائي والوحدة الوطنية”، وأن الحملة تهدف إلى “السيطرة على المصطلحات قبل السيطرة على الأسواق”.

هل تعود البندورة بعد الاعتذار؟

بعد الضجيج السيادي والخسائر العاطفية التي تكبدتها البندورة في معركتها مع القصر، بدأت تتعالى بعض الأصوات المنادية بالمصالحة، فهل من الممكن أن تُفتح صفحة جديدة مع الثمرة الحمراء، بعد أن تم سحبها من الأسواق، وإخضاعها لحظرٍ شعبي ورسمي، عقوبةً لها على شطحات الجماهير؟

في دهاليز البلاط، لا أحد يتحدث بصراحة عن شروط العودة، لكن مصادر شبه مطلعة تهمس بأن هناك “فرصة أخيرة” للبندورة، بشرط تقديم اعتذار رسمي.. لا من الحكومة، بل من الشعب نفسه، الاعتذار يجب أن يكون صريحًا، خاليًا من المزاح، وبصيغة تضمن احترام الرمزية الملكية في كل ما هو قابل للكبس والتحمير.

أحد المقترحات المتداولة كان أن تقوم الجمعيات الزراعية بحملة بعنوان:
“البندورة تحب الملك”، تتضمن بوسترات على الطماطم تُظهر صورة العاهل مبتسمًا، وتغليف الطماطم بعبارات مدح مثل “صاحب الجلالة.. طماطمتنا تاجك فوق الراس”.

لكن العقبة الكبرى لا تزال هي وسائل التواصل الاجتماعي، فكيف يمكن حظر السخرية دون حظر الإنترنت؟ وكيف يمكن للملك أن يسامح ثمرة ارتبط اسمه بها على مدار سنوات من الهاشتاغات والميمز؟

ختاما

في زمنٍ صارت فيه الخضروات أوراق ضغط، والطماطم أدوات تحدٍ، لم يعد مستغربًا أن تُعامل البندورة معاملة المعارضين.
فهيبة الدولة لا تتحمل قشور السخرية، ولا تقبل أن تتحوّل ثمرة حمراء إلى شعار شعبي يُطبع على “ميمز” الإنترنت.

القرار حُسم، والخيار وُزّع، والبندورة… تنتظر المصير.
إما توبة إعلامية جماعية تعيدها إلى سلال الأسواق،
أو استمرار النفي والطهو بالخيار والزهر والكوسا — حتى إشعارٍ ملكيٍّ آخر.

ففي المملكة الحديثة، السياسة تُقشر، والمواقف تُقطّع، والحكمة… تُسلق على نارٍ هادئة.
ولا عزاء لعشاق الطماطم، فقد أصبحوا بين خيارين:
إما الخيار… أو الخيار.