في لقطة للتاريخ.. محافظ القاهرة يستجيب لسيدة ويُهديها كيلو لحمة!

محافظ القاهرة يهدي سيدة كيلو لحمة

في مشهد سيخلده التاريخ الإنساني الحديث، وقف محافظ القاهرة وجهًا لوجه أمام سيدة مسنّة لم تطلب مشروعًا قوميًا، ولا تحسين معاشها، بل عبّرت عن رغبة بسيطة من أعماق معدتها: “أبوس إيدك نفسي في لحمة”.

لحظات صمت رهيبة خيّمت على المكان، قبل أن يمدّ محافظ القاهرة يده لا لتوزيع أموال ولا للنيل من السيدة المسنة المسكينة، بل لتوزيع كيلو لحمة على السيدة جبرًا لخاطرها، لحظة إنسانية نادرة، تكاد تُكتب بماء الذهب – أو المرقة – ههه ، وتُدرّس في مناهج “إدارة اللُحمة الوطنية”.

هذه ليست مجرد واقعة عابرة، بل وثيقة لحظية على التحوّل الذي تشهده الجمهورية الجديدة: مسؤولون من لحم ودم يشعرون بكل ما يشعر به المواطن، هي لحظة تلخّص العقد الاجتماعي الجديد بين الدولة والمواطن: عقد بلا حبر ولا ورق، عقد اجتماعي واضح برز وظهر في تصرف محافظ القاهرة، حيث تُدار العلاقة بشكل إنساني ويقدم فيه المسؤول نموذج متقدّم من الاتصال الجماهيري المباشر، لا يحتاج إلى وسطاء. 

لقد قرر محافظ القاهرة في لحظة تجلٍ، أن يتحول من مسؤول مكتبي مواطن عادي جداا، لم ينتظر توجيهات، ولم يطلب ميزانية، فقط تعامل مع الموقف بعقلية الدولة التي ترى أن الإنسان لا يعيش بالخبز وحده، بل أحيانًا يحتاج إلى لحمة تُعيد إليه شعور الانتماء.. ولو كيلو.

اللحمة.. سلاح القوة الناعمة

في عصر تسعى فيه الدول إلى تصدير صورتها عبر التكنولوجيا، والأزياء، والسينما، اختارت الجمهورية الجديدة طريقًا أكثر دفئًا ولُحمة: كيلو لحمة.

فبينما ترسل الدول الكبرى أقمارًا صناعية إلى الفضاء، نُرسل نحن كيلو لحمة إلى قلوب المواطنين مباشرةً، من دون بروتوكولات معقدة أو اتفاقيات دولية، مجرد لحم طازج يحمل رسالة أوضح من أي خطاب سياسي: “الدولة حنينة.. وحنينة أووي عليك يا مواطن يا مسكين.

اللحمة هنا لم تعد سلعة غذائية فحسب، بل أصبحت أداة دبلوماسية داخلية، تؤكد أن الحكومة لا تُطعم فقط، بل تفهم توقيت الوجبة وتقدّر أهميتها في صناعة الانطباع العام، في مشهد توزيع اللحم، لم يكن محافظ القاهرة يقدم بروتينًا بقدر ما كان يصيغ سياسة، عنوانها العريض: “اللحمة أولًا”

ولعل أبرز ما يميز اللحمة كسلاح ناعم هو قدرتها على كسر الحواجز بين الطبقات، وتذويب الفوارق بين صاحب البدلة وصاحب البنطلون المقطوع، اللحمة في الجمهورية الجديدة لا تُؤكل فقط، بل تُقدَّم كدليل سياسي، و”كارت شخصية” جديد للمسؤول الناجح: لا نحتاج إلى خطط خمسية، ما دام في الفريزر أكياس حمراء تلمع تحت فلاش الكاميرا، إذا احتاج الأمر إلى ذلك. 

محافظ القاهرة.. قائد لا يُخيفه عرق البسطاء

في الزمن الذي يختبئ فيه بعض المسؤولين خلف المكاتب المكيفة والتقارير المزيفة، يخرج محافظ القاهرة إلى الميدان، في عز الحر، يتفقد الأسواق، ويصافح المواطنين، ويواجه حرارة الطقس وحرارة عرق المواطنين معًا، رجل لا يعرف المراوح، ولا يطلب واقي شمس، فعرقه وعرق المواطنين جزء من زيه الرسمي. 

لم يكن المشهد مجرد جولة تفقدية، بل كان استعراضًا لمفهوم القيادة الشعبية الجديدة، تلك التي لا تخشى الهتاف ولا الصياح، بل تتعامل مع المواطن كما يتعامل الجنرال مع جنوده، أن يقف المحافظ في سوق مزدحم، محاطًا باللحم النيء والعرق الحار، دون أن يرتبك أو يشمئز، فهذه بطولة يومية تستحق وسام الشجاعة المجتمعية، رجل لا يُربكه منظر البسطاء، ولا يتهرب من “نفسى في لحمة” رغم كونها مطالب غير مدرجة في الخطة الاستثمارية للمحافظة.

الزعامة في الجمهورية الجديدة تُقاس بعدد الكيلوات الموزعة وعدد الأيادي المصافحة، لا بعدد القرارات التي تصب في صالح المواطنين،  وهكذا، أثبت محافظ القاهرة أنه لا يحتاج إلى دراسات جدوى ولا مجالس وزراء كي يستجيب لصوت الحاجة المسكينة. 

ولعل أهم ما يميز هذه القيادة، أنها تنتمي إلى مدرسة “التحرك السريع والقرارات الدافئة”، حيث لا مجال للتردد، ولا وقت للروتين، المحافظ لا يذهب إلى السوق ليتصوّر فقط، بل ليُشعر المواطن أن السلطة بجانبه في عزّ ضيقته، وأن يده قادرة على الوصول إلى قلب المشكلة أو إلى كيس اللحمة، أيهما أقرب.

أهل الشر ما يحبوش اللحمة

في كل مرة يُقدم فيها مسؤول على فعل نبيل ، يخرج علينا جيش المشكّكين من جحورهم، يوزّعون التنظير كما يوزع محافظ القاهرة اللحمة بالظبط، يفسّرون المشهد على هواهم، ويعتبرون الإنسانية ضعفًا، والتعاطف شوًا إعلاميًا، وكأنهم تربّوا على يد شويه ناس “نباتيون” لا يأكلوا لحمًا ولا يعرفون طعم الضأن. 

هؤلاء لا يرون في الموقف سوى صورة دعائية، لأنهم اعتادوا ألا يروا الخير إلا إذا كان مسبوقًا بختم أجنبي، يرفضون مشهد المحافظ وهو يمد يده لمواطنة تطلب اللقمة، لأنهم ببساطة لا يريدون للمسؤول أن يقترب من الناس، ولا للمواطن أن يفرح بلحظة دفء في عزّ الأزمة.

هم ذاتهم الذين سخروا من كرتونة رمضان، وانتقدوا شوية البطاطين اللي الإمارات بعتتهم وفرح بيهم الأستاذ خيري رمضان، وطعنوا في مبادرات توزيع الفراخ، وها هم اليوم يتأففون من كيس اللحمة، رغم أنه لم يُفرض عليهم، ولم يُطلب منهم أن يذبحوا عجلًا ويوزعوه على الفقراء مثلا، وكأن اللحمة يجب أن تبقى حكرًا على النخبة، لا تصل إلى يد البسطاء إلا من خلالهم. 

وقد لا نُخفي عليكم أن كيس اللحمة أصبح معيارًا جديدًا في قياس الولاء الوطني: فإما أن تراه بعيون المحبة والامتنان، أو تقع في خانة التشكيك والتخوين، فما من وسط في زمن التحديات الكبرى، فأهل الخير رأوا في الموقف لحظة إنسانية، وأهل الشر رأوا فيه لقطة. 

إننا أمام معركة وعي حقيقية، بين من يقدّر أبسط مبادرة، ولو كانت شريحة لحم، وبين من يُريد إحباط الجميع، ولو بكلمة ساخرة. وكما قال أحد المفكرين العظماء في إحدى صفحات التواصل الاجتماعي: “ما أكثر اللحّامين، وما أقل من يوزّع اللحمة ببلاش”.